الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

التعصب بين الأديان بقلم ابو مصطفى ال قبع

التعصب بين الأديان : 
بحث أستكرهنى أعداء الإسلام على خوضه، وهم لم يحسنوا إلى أنفسهم إذ فتحوا هذا الباب ـ كما ظنوا ـ ولا أساءوا إلى الإسلام ـ كما أحبوا ، فالمســـألة لا تعدو أن أحمق غرته الأمانى فجاء يناوش القلاع الشم، فأصابته قذيفة أودت به ودمــــــرت 
عليه مكمنه، حتى جاء من يحاول ـ بغباوته ـ استفزازنا! وبم؟ بالهجوم على الإسلام، ونبيه، وصحابته، وتاريخه منذ ظهر إلى اليوم..!! ولم؟ لأنه يلــــمح فى الأفق بوادر تجمع حول الإسلام وإيقاظ لدولته، و إحياء لأمته، فهو يحول دون هذا كله.. بغية إنقاذ العالم من مغبة عودة الإسلام إلى ميدان الحكم والتشريع والسياسة.. وما العالم الذى يرى إنقاذه من الإسلام؟ ألعله يريد إنقاذ الأمريكان وأحلافهم، والـــــــــروس وأشياعهم؟ إن الإسلام ليس خطرا على أمة بعينها أو جنس بذاته... إنما هو خطر داهم على الإذلال والتعصب والختل، وما يخاف شعب شريف الغـــاية من عودته، ولا جنس نقى النية من دولته، وإننا لنجزم بأن كل عائق يوضــــع فى طريق هذا الدين الكريم، إنما هو لحساب القوى الغاشمة، و إن كنت شعرت أحيانا بــسورات الغيظ تملكنى وتجرفنى، إذ أجد حقا يغطى الهوى وجهه المبين، وعــسفا يــــــراد فرضه على الصراط المستقيم.. فقد رأيت فى تحامل المـــغرضين عــــلى الإسلام فرصة مواتية لتجلية دعوته وشرح تاريخه وتفنـــيد المفتريات المــــــوجهة إليه. ، ولست أعرف ما يكون وقعه عند أصـــحاب الأديان الأخرى روب التعــــــــصب وغارات الإبادة والتجنى يجعلنا لا نشطح مع التمنى ولا نســــرح مع الخيال. وفى الحروب الدينية التى عرفها التـــــاريخ الأوروبي دلالات يخزى لها أولو الضمائر. والغريب أن نفرا من المســــتشرقين والمبشرين تعامى عمدا عن هذه الحــــــقائق، وأراد أن يتعامى عن تاريخه القائم، لا، بل أراد أن يلـــــصق بالإسلام مفتريات لا عهد له بها فى تاريخه القديم والحديث. فقام يتهم الإسلام بأنه أســـــاء إلى مخالفيه وأنه صنع بهم كذا وكذا ... وكأنه يريد بذلك ـ إلى جانب إهانة الإســـــلام ـ خلخلة ثقة أهل الكتاب فى الكثرة المسلمة التى تعيش معها فى سلام منذ أجــــــيال. ونحن على يقين من أمرين: أولهما: أن حبل الباطل قصير، وأن تعاليم الإســـلام لن تتأثر أبدا بمحاولات الكذب والاختلاق. وثانيهما: أن عملاء الاستعمار لن يتـــــحقق لهم أمل فى استغلال الأقليات الدينية، وربط عواطفها بالغرب الصليبى، وإن بــدا لهم أن ذلك ميسور الإدراك. وقد تيقظ العقلاء لهذه الخيانات، وتجمعوا ـ مســـــــلمين ونصارى ـ ضد العدو المغير. ورأوا أن لابد من رده على أعقابه وتطهير البلاد ممن يلوذون به ويعتمدون عليه وهل اندفاع العالم بالعصبيات المـــــحضة ـ بعد تنكره للمثل العالية ـ إلا ضرب من هذا السير المجنون؟ فإن العـــالم فى جاهليته القديمة أو الحديثة لا يلقى باله إليها.. لأنها تعكر عليه نعيم الأمــجاد الزائفة التى ينتجها فى ظلال هذه العصبيات وبين الـــــخطاب القرآني (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما) وإيمــــاء لهذه الحقائق أمر الله رسوله أن : (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ) وعطفا بذلك كان الخطاب الرباني (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعـــلم 
الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعـــمى والبصير) كما جاء الامر الالهي هذه الأوامر الصريحة تهدف إلى إفهام كل بشر أين كان، ومتى كان، إلى أن تحليقه أو إسفافه طوع إرادته الحرة، وأنه وغـــيره سواسية فى جو طليق رحب، وأن كافة ما اختلقه الدجالون من تفاضل بأوطان أو أنساب أو ألوان هراء فى هراء. هذا هو الحق فى حساب المثوبة أو العقوبة يوم الدين. ، وتسجيل ما تبلغه الأنفس من نقص أو كمال(يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) فإذا انتهينا منها تحدثنا عن التعصب الكامن فى بعض الأنفس ضد إســـلامنا. ذلك أن الإسلام اختنق ـ أو كاد ـ بين عصبيات المستحمقين من فى كنف هذه العصبيات المجرمة تفهم الأمة الأمور فهما مقلوبا. وهذه الجهالة المركبة أفقدت أمة الإسلام خصائصها الجلى. فإن الله لما أثنى على المسلمين بخير ما فيهم قال: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) أى أن إحقاق الحق وإزهاق الباطل وإقرار الإيمان هى صفاتنا التى نتميز بها... لــــكن الذى يحدث الآن، أن هناك جرائم خلقية واجتماعية وسياسة لا يجرؤ العتاة على ارتكابها فى أى بلد من بلاد العالم ترتكب فى بلادنا دون نكير ولا مـــــــحاذرة، والشياطين الخرس مكممو الأفواه!!. . اشتغلوا بحرق البخور، وإدارة مجامرها لتعطير مجالس الظلمة... والحق أن التعلق بهذه العصبيات ضرب من الوثنــية الطاغية، وأن إضراره بعقيدة التوحيد لا يقل عن تعلق الجاهلية بـ "ود" و يعوق ونسرا ... فالحق أن الآيات نزلت تطهيرا للمجتمع الإســـــــــلامي من ألاعيب 
المنافقين، الذين أعلنوا على المسلمين حربا شعواء، وقد بلغوا فى حربهم منزلة من القوة جعلت ضعاف الإيمان يفكرون فى التحبب إليهم، والتجمل معهم فنزلت هذه الآية ونزل معها ما يفضح نوايا المتخاذلين في الدفاع عن الدين الذى انتسبوا إليه : (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصــــيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصــــــبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين)...! (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة) فالآية قبلها مباشرة تشرحها ، وان المقصود بالآية هم الوثنيون المهاجمون للإســـلام، الناكثون بعهودهم معه. فنراها تقرر المبدأين كليهما فى نسق واحد : (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) مقدرة لكل منهما درجته فى ميزان القيم الأدبية، مـــــميزة بين المفضول منهما والفاضل : (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله). وصدق الله حين وصف خاتم أنبيائه بأنه : ( جاء بالحق وصدق المرسلين). وحين وصف اليوم الأخير من أيامه بأنه كان إتماما للنعمة وإكمالا للدين : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي). وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صور الرسالات السماوية فى جملتها أحسن تصوير: ( مثلى ومثل الأنبـــياء من قبلى كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له) وقد وضح رب العزة (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين). (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين). (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين). ولفته للهداية بهذا المنحى (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) ومن هــنا نشأت القاعدة الإسلامية المحكمة المبرمة فى القرآن فى قاعدة حرية العقيدة (لا إكراه في الدين). ومن هنا رسم القرآن أسلوب الدعوة ومنهاجها. فجعلها دعوة بالــــــــحجة والنصيحة فى رفق ولين. (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). أولم ندرك قول نبينا ، خاتم النبيين! "فضلا عن الديانـــــات الى تربطنا بها أواصر الوحى السماوى؟ اقرأ فى سورة التوبه: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه). فأنت تراه لا يكـــتفى منا بأن نجير هؤلاء ولا يكتفى منا بأن نرشدهم إلى الحق ونهديهم طريق الخير وكفى. بل يأمرنا بأن نكفل لهم ـ كذلك ـ الحماية والرعاية. ثم هل ترى أعدل وأرحم وأحرص على وحدة الأمة وتماسكها من تلك القاعدة الإسلامية، التى لا تكتفى بأن تكفل لغير المسلمين فى بلاد الإسلام حرية عقائدهم بل تمنحهم من الحرية والحـــــــماية، إلى تحقيق السلام الدولى والتعايش السلمى بين الأمم، من تلك الدعوة القرآنية التــى لا تكتفى فى تحديد العلاقة بين الأمم الإسلامية وبين الأمم التى لا تدين بدينــــها، ولا تتحاكم إلى قوانينها. لا تكتفى فى تحديد هذه العلاقة بأن تجعلها مبادلة سلم بســــلم (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها). (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم الســــلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا). نكتفي بهذا وللحديث بقية. 
أبو مصفى آل قبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...