كنت في الصف الثاني الثانوي ،،، قسم أدبي طبعا ،، ف انا لم أكن أطيق المواد العلمية أبدا ،،، المهم كان فصلي في آخر رواق طويل . الرواق مسقوف ،، شأن الأروقة في جميع المدارس في ذلك البلد الذي كنت أعيش فيه ،،و لأن الأمطار كانت غزيرة جدا ،،، كثيرا ما كانت تلك الأروقة تكتظ ب المظلات التي تقطر ماء ،،،، و كنا نحن الطلبة نجري بينها بحرص شديد لأن الأرض كانت زلقة جدا ،،،
ذات يوم دخل مدرس اللغة العربية الفصل ،،، قال و ابتسامة كبيرة تملأ وجهه :
-امس ،،تسلمت رسالة من صديقكم حكيم الذي غادر المدرسة ،،، في رسالته،،« هو يسلم عليكم جميعا و يخبركم انه أصبح محاسبا ،،،،»
ظهر على الجميع السعادة ،،، يبدو أن حكيم كان له حضور مميز بينهم ،،، لكنني لم أفعل ،، ف انا ما عرفته قط ،، لأنني ببساطة لم أكن في نفس الفصل ،،،و عوضا عن تلك النظرة الباسمة ،،كانت هناك نظرة فضول و اندهاش ،،،
و بادرت صديقتي ب السؤال ،،،عن حكيم و عن دراسته فقد كنت اظن انه كان زميلهم في المدرسة و ليس الفصل ،،،
الحقيقة ان اجاباتها تلك زادتني اندهاشا ،،، الأمر الذي دفع مدرس اللغة العربية ان يبادرني ب السؤال ،،
-لماذا أراك مستغربة يا آنسة حنان ؟
أجبت بكل ثقة ،،،
-استغرب سيدي كيف ل طالب ان يصبح محاسبا و هو في الصف الأول الثانوي ،،، كيف له ذلك و نحن في مصر علينا ان نكمل دراستنا الثانوية ثم نلتحق ب كلية التجارة لسنوات أربع ،، بعدها فقط نصبح محاسبين ،،،
نظر الأستاذ لي بزهو و قال متفاخرا
-نحن يا آنسة نستطيع ان نقهر كل الصعوبات ب إرادتنا كما استطعنا أن نقهر الاستعمار و نطرده ،،،،
ابتسم لي الأستاذ ابتسامة المنتصرين
رددت ابتسامته ،،، و في هدوء جم قلت ،،،
- سيدي ،،،، كلامك صحيح تماما ،،، الإرادة تفعل المعجزات ،،، لكن الإرادة لم تقل لنا أبدا ،،، تخلوا عن المدرسة ،،،،
و خيم على الفصل وجوم غريب ،،، دق جرس المدرسة ،،، و كأنه الخلاص للجميع ،،،،
يومها ،،، و حين رجعت إلى البيت ،أخبرت والدي رحمه الله ب كل ما حدث ،،،، ابتسم والدي و في براءة سألته ،،،،
لماذا وجم الجميع ؟
قال : لأن كلماتك يا حنان كانت قوية جدا و في الصميم ،، تناقشت و دافعت عن قناعاتك ،،، و يبدو أنك و دون قصد منك أحرجت أستاذك ،،،،
و في نهاية اليوم الدراسي التالي رأيت أبي ينتظرني في ساحة المدرسة ،،، ركضت إليه ،،، كان ك.عادته مبتسما ،،، قال ،،،،
ربنا يعزك يا بنتي ،،،، خليتي رقبتي في السما و انا بسأل عليكي المدرسين ،،،،،
سألته بسرعة
-و ده كان رأي مدرس اللغة العربية فيا ؟؟؟؟
قال :ّ حنان ،،، المدرس الذكي بيعرف تلميذه الذكي الي بيدافع عن قناعاته بكل قوة لكن في حدود الأدب ،،،،
امتلأ قلبي الصغير سعادة و في هدوء غادرنا المدرسة و كفي تلتحف كف أبي،،، تتلمس ذلك الدفء و الأمان ،،،
آه يا أبي ،،، كم افتقدك و كم افتقد لمسة يدك تلك ،، رحمك الله يا أبي ،،
# hanan

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق