* عجبًا رأيتُ*
تلكَ الجراحُ من المحبّةِ تحلبُ
ووصابَها من كلِّ نزفٍ تكتبُ
وتقلِّبُ الآهاتُ عندَ زفيرِها
قلبًا فتحفرُ ما تشاءُ وتثقبُ
يتساقطُ الماضونَ دونَ إرادةٍ
ويذوبُ عند جبالِها المتذبذبُ
إنَّ المواقفَ صارماتٌ عادةً
فالعزمُ ينفعُ من به يتنكَّبُ
وعلى الحنينِ سكبتُ بعضَ مدامعٍ
فورثتُ دمعًا في المآقي يُسكبُ
فلأركبنَّ إلى الحنينِ بُراقَهُ
فأنا عزمتُ وإن تكأكأ مركبُ
وحنوتُ عطشانًا لأروي مظمئي
فوجدّتُ قد جفت بكأسيَ مشربُ
وملابسي رثّت فطالَ رثاثُها
وهناكَ يكمنُ في الملاءِ العقربُ
وعصايَ قد هشّت فصارَ هشيشُها
بلوى عليَّ فما بصخريَ تضربُ
امتاحُ من بئرِ الأماني تارةً
ماذا سأمتحُ من أمانٍ تنضبُ
وبدلويَ المخرومِ أسحبُ رجوتي
فتُراقُ من دلوي السفيسِ وتُصلبُ
سهمانِ في قلبِ القنوطِ رميتها
فوجدّتُ آيُسَها عليَّ يصوِّبُ
تلكَ الحياةُ فقد ركبتُ مكبّلًا
فتهزُّنا فيميلُ فينا المركبُ
وأنا تراني واقعًا من شاهقٍ
بينَ السقوطِ إلى الوقوعِ مكركبُ
فتحطُّنا بينَ الثرى أو دونِهِ
أو للثريّا حينما نتحبَّبُ
عوثاءُ تلفحُنا بكثرِ وصابِها
فيحكُّ من كثرِ الوصابِ الأجربُ
وزعيقُها هذا يخرِّمُ مسمعًا
وكبومِها لحنٌ إذا ما تنعبُ
نوران قد أفلا فذلكَ واحدٌ
والنفس ثانيها إذا ما تغربُ
هذانِ خصمانِ استبدّا في دمي
نفشا فأيُّ وصايةٍ تتعصبُ
ووقفتُ محتارًا أعاينُ في الّلظى
صرعى يقلِّبُهم بنابٍ ثعلبُ
ورأيتُ أوطانًا كأنَّ ملوكَها
أشباهُ فئرانٍ عليها أرنبُ
وتسيرُ إمرأةُ العزيزِ وقلبها
سجن لتلقيَ من تشاءُ وتضرِبُ
ورأيتُ أطفالًا بغيرِ ملاعبٍ
والذئبُ يفتكُ تارةً ويلعِّبُ
ورأيتُ إبراهيمَ يُسكنُ أهلَهُ
في وادِهِ وأتى إلينا يندبُ
ورأيتُ يعقوبَ النبيَّ لأمرِنا
يُجري الدموعَ من البكاءِ وينحبُ
ورأيتُ يوسفَ لم يزل في بئرِهِ
حيرانَ من أمرِ الجميعِ ويعجبُ
ورأيتُ موسى ملقيًا ألواحَهُ
ويجرُّ شعرَ أخيهِ إذ نستغربُ
ورأيتُ أيوبَ النبيَّ بحزنِهِ
لا من وصابٍ إنّما المتسبّبُ
ورأيتُ داودًا يعالجُ درعَهُ
ويصدُّ مستاءً إلينا يعتبُ
ولأنّنا في هوَّةٍ وتباعدٍ
هذا سليمانُ النبيُّ يقرِّبُ
ورأيتُ يونسَ شاكيًا ومناديًا
منّا وليسَ بحوتِهِ يتقلَّبُ
إذ قالَ لقمانٌ لابنِهِ واعظًا
إياك اعني واسمعوا وتقربوا
ورأيتُ عيسى صارخًا من مهدِهِ
أينَ الأُباةُ وأينَ من يتحببُ
ورأيتُ طه غارقًا في حزنِهِ
إنّا أبينا ما يقولُ ويكتبُ
ورأيتُ حقَّ محمدٍ في أمّةٍ
خرجت عليه ومن تراثِهِ تنهبُ
فتمثّلت تلكَ الحقائقُ عندما
سبطُ النبيِّ على الرمالِ يُسلَّبُ
بقلم سيد حميد عطاالله طاهر الجزائري العراق/ الخميس/ ٣٠/ ٩/ ٢٠٢١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق