الخميس، 31 مارس 2022

🧡 نصوص ( شهوة الوقت ) 🤎 للكاتب عبد الستار الدرويش 🤎🧡 تقديم الدكتور جاسم الطائي 🧡🤎



 قراءة موجزة في كتاب 

نصوص 

( شهوة الوقت ) 

للكاتب عبد الستار الدرويش 

تقديم : 

لعل من أهم مظاهر الحركة الأدبية المعاصرة تلك الموجة العارمة التي عصفت بالقديم والحديث معا تحت مسمى ( الحداثة ) فولدت صراعا مفتوحا بين انصار التيارين حول مشروعية جنس ادبي جديد أطلق عليه انصاره تسمية ( قصيدة النثر ) ومدى استجابة قصيدة العمود لمتغيرات المرحلة الراهنة واستيعاب كل منهما لمقتضيات الإنسان المعاصر وما يتسم به عصرنا الحديث من تقلبات لحظوية لا تؤمن عقباها ، وقد بينّا غير مرة رأينا المتواضع في هذا الصراع فهو لا ينبغي ان يكون موجها ضد نص ادبي ابداعي بقدر ما ينبغي أن يكون خلاقاً قابلا للنقاش والخروج من ازمته الى تسمية جنس أدبي جديد يكاد يفرض نفسه على الساحة الأدبية برغم الكم الهائل من غثه ورديئه ، إنه ما اصطلح عليه تجنياً ب( قصيدة النثر ) ، ونقول أنه تجنٍ على جنس هذا النص لغياب المعايير المشتركة للمفاضلة بينه وبين قصيدة العمود ومنها مفردات عمود الشعر التي حددها النقاد القدامى واقتصارها على عنصر اللغة الشعرية مع غياب الوزن والقافية ٠

ولعل ما تقدم هو افضل مدخل لقراءة موجزة في كتاب الكاتب العراقي عبد الستار الدرويش ( شهوة الوقت ) ٠

---------------

قراءة موجزة 

كان بارعا فطناً في انصرافه عن ساحة الجدل والصراع حول مفهوم قصيدة النثر ومشروعيتها وتسميتها ، كل ذلك تجسد حين وضع أعلى عنوان كتابه ( شهوة الوقت ) كلمة ( نصوص ) فلم يقل عنها شعرية ولم يصنفها انها نثرية ولم يلمح الى أنها قصائد لا من قريب ولا من بعيد ، بل ترك للناقد والشاعر والمثقف والقارئ البسيط حرية الحكم على هذه النصوص وجنسها الأدبي ، وهو اعتراف ضمني بأن الشعر لا يمكن أن يكون الا قصيدة عمود أو تفعيلة وأن منجزه - مع كل التقدير وليس انتقاصا - يحاول أن يقف بثبات الى جانب الشعر تحت مسمى ابداعي جديد يفرض نفسه على الساحة الأدبية ٠

وشهوة الوقت عنوان الكتاب استقاه الكاتب من ومضة كان ترتيبها الحادي والخمسين بين نصوص الكتاب وهي جملة اسمية من مفردتين ( الوقت شهوة ) ، فأما الوقت وهي مفردة تكررت كثيرا في نصوص الكتاب إنما تؤكد مرحلية الحالة التي يعبر عنها الكاتب ولم يقل أنها شهوة الزمن او الدهر ، ولعله يعبر عن الصراع بين المادي والروحاني من العوالم لتميل كفة الصراع لحظة كتابة النص على أقل تقدير الى العالم المادي الذي يسود وتكرسه الشهوات والغرائز بكل اشكالها ٠

-------------------

قراءة في نماذج نصية من ( شهوة الوقت ) 

*(١)

ذكر الهوى في الشعر العربي قديمه وحديثه غالبا ما يكون مقرونا بالكأس :

( كأسُ هوى 

طاف الأسى به 

ونسي أنه ثملٌ

يرجهُ الغيبُ 

باحثاً عن دفءٍ يصارع البرد

ليُكَوّنَ شكله الآخر )

ولقد عبر الكاتب عن الهوى والذي يقصد به حالة الهيام في الحب الذي غالبا ما يكون مقرونا بالأسى ولوعة المحبين حدّ الثمالة ، لنجد نفسنا امام استعارة مكنية حيث شبه الهوى بالشراب وحذف المشبه به وابقى لا زمته وهي الكأس ،وسرعان ما تتداعى صورة مجازية اخرى حين يرج الغيب كأس الأسى فالهوى دائما هو لعبة بيد الغيب لا تعرف نهاياته ولا مساراته ، بل قلما شعر المحب بالدفء إلا حين يأمن الوصل فتنطفي جذوة الاشتياق الى دفء التحام روحي بين الحبيبين ٠

وعلى قِصَر النص فهو يعبر باسلوب بلاغي جميل عن تجربة الحب وكيف يكون شكلها بإيحاء مكثف ٠

* ( ٥) 

وحين يكون الحديث عن الحب يكون الحديث عن الوطن : 

( كانت تنقشُ 

على عباءتها 

أسمك يا وطني ) 

جميل هذا الاستحضار لرمزية العلاقة بين الحبيبة والوطن وهو كثير عند شعراء العصر الحديث ومنهم محمود درويش ، ولَكَأَنَّ اسم الوطن كما يصوره الكاتب حرزٌ يحمي حبيبته من كل سوء بل كأنه يريد ان يقول : كلما نظرت الى حبيبتي رأيت الوطن فكلاهما واحد ٠

*( ٧ )

وفي لحظة وعي ممزوج بالوهن يجد الكاتب نفسه أمام جراحه :

( يداوي جراحه

بالصمت والدمع 

غاب عن الضياع لوهلة

فاشتاق الضياع له٠)

هو في خضم حالة لا بد من الخروج منها فيلتزم الصمت متأملا والدمع سبيله الى التصبر والتأسي ، فإذا ما وجد نفسه خارج حدود الضياع سرعان ما يحن لأن يعود لحاله من خلال ادراكه لاشتياق الضياع له ٠

وفي كل جملة نجد أساليب البلاغة حاضرة ، فالصمت ليس دواء لكنه نابَ عنه في فعله ، والضياع لا يمكن أن يحمل مشاعر انسانية او اشتياق الا في مثل هذه الحال ، استعارات أقل ما يقال عنها أنها أفادت إداء المعنى ٠

وبعد : فهذه نماذج ثلاث على سبيل التوضيح كمثال لما جاء في شهوة الوقت من نصوص ، ونترك للقارئ الكريم متذوقا وناقدا واديبا الابحار في متاهات نصوص هذا الكتاب ٠

-------------------

*(١)(٥)(٧) : تسلسلات النصوص المختارة في الكتاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...