الخميس، 21 أبريل 2022

🧡🤎 علي البدر والتحليل النقدي لقصيدة "خيبة معتقة" للشاعر كريم خيري العجيمي🧡🤎


 علي البدر والتحليل النقدي لقصيدة "خيبة معتقة" للشاعر كريم خيري العجيمي

1) ألقصيدة:

-قال..

وخيبة واحدة..

معتقة..

معلقة على جدران ذكريات قديمة..

ستظل توقظك في منتصف الحنين كل ليلة..

لتبكي أحاديثك الكثيرة التي نذرتها لصمت الورق وعجز المداد وعزوف الأقلام..

ستبقى لسعة اشتياق وحيدة تخبرك كل ذات انتظار..

أنك كنت تقارف ذلك المستحيل الذي لن يجيء..

تكابد وجعا لا تحيط به الكلمات وإن كثرت ولا تصفه الأبجديات وإن تكاثرت فملأت مدى ما يراه بصرك من قراطيس..

ستبقى يا صديقي على قيد الموقوفين في خانة الغرباء..

رغم أن المسافة قدر إصبع أو أقل وألف زمن من لهفة وسلاسل وجع واحتراق لا يتوقف..

ستبقى هناك..

وسط كل شيء يجعل من العشق لعنة تصب غضبها في عمق روحك..

وسط اللا شيء..

ليخبرك صقيع الصبر بما عجزت عقارب الساعات أن تخبرك به شفقة عليك من سوء الخبر..

حين يتساوى تلاشي الزمن بسرمدية عشقك..

وتنتحر الأمكنة على مشانق أريكتك الفارغة..

ستظل وتظل وتضل كثيرا وتزل..

وتجرفك الخطى نحو مساء وحيد كل ليلة..

مساء تملؤه الدهشة والاستغراب..

تمتليء أنفاسه بالحرمان والبعد..

وتفرغ جعابه تماما من أي ثمرة للقاء المرتقب..

لتدرك حينها فقط أن قلبك كان يحرث أرض بور لا تؤمن باحتضان بذور العناق ولا تنبت لوحدة الأرواح نخيلا..

ستعلم أنك كنت تغرس فسائل الأحلام في فلوات كتب على أبوابها الموت لا غيره..

فأنبتت يا صديقي كل هذا السراب..

كل هذا الظمأ..

وأخلفت كل هذه الدموع المتحجرة في مآقيك..

فابك إن شئت..

قدر ما شئت..

ومتى شئت..

ربما..

تنبت خيبة أخرى تقنعك أنك أتيت تطلب ذروة سنام الخيال..

في زمن أضحى فيه الممكن على قائمة المحرمات..

وأصبحت فيه أنت ذلك المجنون..

الذي يموت كمدا..

ليدين بدين العقلاء دون جدوى..

كيف لا وقد صَبَأَ القلب منذ طفولة الأحلام؟!..


2) التحليل النقدي:

عند التدقيق في النص ومقاربته مع عتبة القصيدة النثرية وجدت أنهما متطابقان، يبدو أن "الخيبة المعتقة" قد تشظت الى خيبات حتي نهاية القصيدة " كيف لا وقد صَبَأَ القلب منذ طفولة الأحلام؟!.."

واللافت هنا امتلاك القصيدة بعدا فلسفيا مبهرا ولمعان دهشوي ينبض بالحياة وبجمالية يحسب لها. جمالية تنسينا او ربما تأخذنا لافتراضات نحاول لملمة تشتتها رغم وحدة الثيمة theme للقصيدة. وكان بودي توظيف هذه القدرة في تركيز المعنى والتلاعب بالمدركات الحسية واللفظية، نحو نص تفاؤلي optimistical verse، ولكن ما باليد حيلة, مايكتبه الإنسان لابد أن يعكس أعماقه فهو يعكس نفسه أو ذاته revealing himself حسب التأويل السايكولوجي. من هنا جاء النص انسيابيا غير متصنع، بدا الشاعر فيه وكأن شماتة ما او إنتقاما من طرف أخر لابد أن تكون. وبالحقيقة نرى الإحباط واضحا جعل الشاعر ينتقم من نفسه لأن مشاعر العشق تفور في كيانه " ستبقى يا صديقي على قيد الموقوفين في خانة الغرباء..". صديق قريب إصبع أو أقل وألف زمن من لهفة وسلاسل وجع واحتراق لا يتوقف..". مشاعر عشق صوفي باسلوب تنكيلي. مشاعر جمعت التقيضين. مسافة قدر اصبع أو أقل لكنها تنتحر على مشانق تلك الأريكة التي اصبحت فارغة.

وعندما يصبح العشق "لعنة تصب غضبها في عمق" روح الحبيب، فهذا يعني أن الشاعر يعكس اتهاما مشوبا بألم نتيجة عدم الوفاء، وبدا وبوضوح يعكس انفعالات حرمانه الى الخارج لكنه لن يستطيع التخلص منها تصورا ان انفاس الحبيب تمتلىء "بالحرمان والبعد"، وإنه سيدرك أن قلبه كان يحرث أرضا بورا لا تؤمن باحتضان بذور العناق ولا تنبت لوحدة الأرواح نخيلا..."

ونتساءل.. ياترى ماذا فعل هذا الحبيب لكي تنهال عليه كل هذه الإتهامات؟ بالتأكيد قد نكث بوعده وترك الشاعر وحيدا يشكو همه محاولا إثبات وجوده بأنه الأقوى وما عمله الاخر مجرد سراب لايهمه بشيء، لكنه يتلافى من غير قصد وكأنه يدافع عنه لإنه مستمر بالبكاء ندما " فابك إن شئت..

قدر ما شئت..

ومتى شئت..

ربما..

تنبت خيبة أخرى تقنعك أنك أتيت تطلب ذروة سنام الخيال..

في زمن أضحى فيه الممكن على قائمة المحرمات..

وأصبحت فيه أنت ذلك المجنون..

الذي يموت كمدا.."

وقد وجدت أن القصيدة تزداد حوية وعمقا وتبدو كزورق وسط أمواج عاتية أحيانا " ستظل وتظل وتضل كثيرا وتزل..

وتجرفك الخطى نحو مساء وحيد كل ليلة..

مساء تملؤه الدهشة والاستغراب.." . ونلاحظ الفعلين" ستظل وتظل وتضل ...".الأول يوحي للبقاء والثاني للضلالة والتيه. ,ممكن اعتبار هذا الدمج مقصودا بدلالة ما بعدهما حيث يمكن إعادة ترتيب الجملة لتصبح "ستظل وتظل كثيرا وتضل وتزل"، ولم يكن القصد من هذه الإشارة تبريرا لسهو، وإنما حسب تصوري وقد يكون في غير محله.

ألنص بمجمله شعري نثري تميز بطابع رمزي من خلال الجمل الشعرية التي وضعتنا تحت طائلة التأويل الذي يغلفه الغموض في معظم مفاصله. العشق غالبا ما يكون مرادفا للحبيب لكننا لم نر تلك الكلمة. إنه أو إنها صديق" فأنبتت يا صديقي كل هذا السراب.. وأصبحت فيه أنت ذلك المجنون..الذي يموت كمدا..".

لقد اعترف الشاعر كريم خيري العجيمي بأن صديقه هذا يدين بدين العقلاء وأجد نفسي منحازا إلى هذا الصديق الذي تحجرت دموعه في مآقيه راغبا الرجوع وفي المقابل يكون التمني بأنه " ذلك المجنون..الذي يموت كمدا.."

وعندما نقرأ الشعر، نتعاطف في الغالب مع كاتبه لكنني وجدت نفسي مختلفًا هذه المرة. أبياتُ شعرٍ وصلتني من إنسان مجهول قد تساهم في إعادة الوضع كسابقه حيث الوئام والحب يجمع الإثنين:

أَراكَ شاكيًا

مِن مَوجٍ إِليكَ يحمِلُني

وأَنا لقربِكَ يا وحيدي

شَوقي ما انقطَع

أَيكونُ وصلُكَ غايَةً ومَطمَعًا

وحَسرَتي لقُربِكَ

دُعاؤها ماشَفَع؟

مافي الصَّفاءِ غَيرُ

لَهفَةٍ لقَربِكَ

وبَوحي لهَمسِكَ عُمرُهُ ماشَبَع

تعالَ...

ودَع الشّامِتينَ يموتونَ بَحَقدِهِم

وانزَع سِهامًا بظَهْري

نَزيفُها ما انقطع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...