(خالة مفيدة)
من وحي الماضي
قصة قصيرة
يكتبها الشاعر: محمودمطر
هنا في جرن القرية العتيد و(الجرن )في اللهجة المصرية الساحة التي يكوم فيها الفلاحون مزروعاتهم تجلس (مفيدة) العجوز في جسمها المكتنز باللحم عند شجره السنت وهي نوع من أنواع الشجر ذي الأشواك تجلس (مفيدة) مكتنزه اللحم ومكتنزة الحنان والحب للأطفال أمام أرجوحتها العتيدة التي يصنعها العم (عبد العال) لها ببساطة شديدة فهي لم تكن أرجوحة كهربائيه ولكنها عبارة عن حبلين وقطعة من خشب يعلقهما في غصن الشجرة وتبتدر( مفيدة) يومها في يوم العيد بعد صلاة الفجر وتجلس تحت شجرة الصنت ويأتيها الصغار من كل حدب وصوب يودون ركوب الأرجوحة فمن معه تعريفة وهي عملة مصرية قديمة تأخذه منه وتعطيه بعض الوقت ليستمتع بالأرجوحة وهي تأخذ غفوتها بجوار الأرجوحة ثم يأتي بعض الصغار الأشقياء يحاولون العبث بالأرجوحة فتنهرهم قائلة : يا أبناء المراكيب وكنت لا أعرف معنى المراكيب فلما كبرت استوضحت أنها بمعنى الحمير وبالرغم من طيبة الخالة (مفيدة) الا انها كانت غليظة الشتائم ولكن يغفر لها أن قلبها كان طيبا حنونا فكم أتاها صغير لا يحمل نقودا يشكو لها أن أهله لم يعطوه مصروف العيد فتربت على كتفيه وتعطيه الأرجوحة ليستمتع بها وكم أتى صبي ليس معه شيء فتقول له اذهب وهاتني بطبق كعك العيد أو بصحن من طبيخ المهم أنها كانت تأخذ ما تملأ به معدتها سواء من أموال أو من كعك أو من طبيخ حتى تترك الصغار للاستمتاع بالأرجوحة وفي ثاني يوم من أيام العيد جلست الخالة (مفيدة )بجوار شجرة السنت كالعادة واتكأت عليها بظهرها وأخذت نومتها كالعادة ولكن نومتها هذه المرة كانت النومة الأخيرة وجاء الطفل (عبد المنعم) وهزها هزا عنيفا يريد أن يركب الأرجوحة فمالت على جنبها ووقف يصرخ وقال لقد ماتت الخالة مفيدة وهنا قبضت فرحة الصغار مع روح الخالة مفيدة وانتهت فرحة الصغار بالعيد بحسرة لا توصف فلن تكتمل أيام العيد ماتت الخالة (مفيدة) وأخذت معها بساطة وفرحة الصغار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق