أحسن القصص
--------------
اولا : مع قصة يوسف
--------------------
( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون )
ما أجملها من لغة .. لغة رب العالمين ، وهذا هو فن القصة ليتعلم منه من له موهبة القصة ، كل كلمة في موضعها بأسلوب يجذب المتلقي جذبا اليه ، امرأة العزيز وهي تهيم حبا بيوسف تريد منه أن يقع معها في الخطيئة ولكنه نبي الله يعصمه الله منها .
( قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره به ليسجنن وليكونا من الصاغرين )
ما تزال امرأة العزيز تكابد الهوى فتدعو الى قصرها النسوة اللاتي قلن فيها ان فتاها قد شغفها حبا ، وتعد لهن متكئا وما ان يبدأن الطعام حتى تأمر يوسف بالخروج اليهن فلما رأينه جرحن أيديهن بالسكاكين دون أن يشعرن وهن يقلن ان هذا ليس بشرا بل ملاك كريم .
( فذلكن الذي لمتنني فيه ) هي تريد أن تعطي تبريرا لعشقها له وكأنما تقول لا يلمني أحد ان كنت مبهورة بحب يوسف فهو الجمال كله .
( ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) وها هي تعترف دون أن تكتم حقيقة ما حدث بعد ان راودته عن نفسه فأبى أن يقع في كيد الشيطان .
( ولئن لم يفعل ما آمره به ليسجنن ويكونا من الصاغرين )
أي تهديد ليوسف تهدد به هذه المرأة بعد أن نفد صبرها ! أما أن يرتكب معها الفاحشة أو السجن ليكون ذليلا .. غير أن يوسف يدعو ربه قائلا ( السجن أحب الي مما يدعونني اليه ) انه النقاء في أعلى مراحله ،ويستجيب له ربه ليلبث في السجن بضع سنين .. الذئب برئ من دمه وهو برئ من كل ذنب في سجنه .
والواقع أن سورة يوسف هي نص قصصي من بدايتها الى نهايتها بل هي سرد محكم رائع من لدن حكيم خبير ، ومن الجدير بالذكر أن قصة يوسف هذه لا تتكرر في سور القرآن الأخرى كما هو الحال لقصص بقية الأنبياء. ولو عدنا الى ما ابتدت به سورة يوسف لوجدنا أن يوسف يروي حلمه لأبيه ( اذ قال يوسف لأبيه يا أبتي اني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) وهو حلم صادق بل نبوءة اذ يسجد ليوسف في آخر المطاف أبوه وامه واخوته بعد أن تبوأ المكانة الرفيعة في الدولة علاوة على أنه نبي .
ان كل آية من آيات سورة يوسف لها دلالتها في توضيح هذه القصة المشبعة بالدرس والعبرة وبأسلوب يهز النفوس وتخشع له القلوب .
(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق