الجمعة، 28 أبريل 2023

🌹بين التواضع والكبرياء🌹 ناجح صالح

بين التواضع والكبرياء 


اذا كان الحلم سيد الأخلاق فالتواضع هو الآخر لا يقل شأنا عنه ، انه بعبارة أخرى سماحة وحسن خلق .

في التواضع يعطي المرء أكثر مما يأخذ ، وفي التواضع تزرع الحب في قلوب الآخرين لتألفهم ويألفوك ، وهو بالتالي يجمع بدلا من أن يشتت ويوحد بدلا من أن يفرق .

في التواضع خصلات فريدة تعطي ثمارا يانعة ، اذ يجعل من الخصوم أحبة ومن الأعداء أصدقاء، ذلك أن المتواضع لا يشمت بأحد ولا يكره أحدا .. انه طاقة من الصبر والتحمل ، يمشي بهدوء ويعمل بهدوء لا تغره مظاهر ولا ينقاد لنزوات ، يتحكم به عقله وضميره قبل أي شيء آخر ، لا يطمع في سلطة ولا يطمع فيما ليس له ، ولا يحيد عن قول الحق .

انه في الجملة لا يلبسه غموض ولا تعتريه نوبات مفتعلة طائشة ، يحني رأسه باحترام لمن يستحقه ولا يحنيه أبدا لمتكبر مغرور ، اذ أن تواضعه ليس ضعفا بقدر ما هو قوة وأصالة ومبدأ.

أما الكبرياء فهي خصلة مذمومة قبل أن تكون مرضا بشعا يتعدى حدوده بالحاق الأذى للآخرين ومحاولة طمس شخصياتهم ، اذ أن المتكبر يرفع قامته أكثر من استحقاقها محاولا تبرئة نفسه من العيوب ناظرا الى الآخرين نظرة الاحتقار والازدراء ظنا منه بأنه أعلى درجة وأنه من طينة ليست من طينة أحد ، وأنه وحده دون سواه صاحب القرار وسيد الموقف ، فاذا شغل موقعا تجبر واستبد وأمر ونهى بغير حق .

وهو في سلوكه هذا وفي خلقه هذا يرغم الآخرين على النفور منه والفرار من وجهه الا من كان في قلبه مرض أو ضعف نفس فيتبعه ويخضع له وينقاد اليه ربما رياء أو تزلفا .

ان النشأة الأولى للانسان هي التي تقرر نوع السلوك الذي يسلكه والطريق الذي يسير فيه ، وقد تستجد أسباب لتغير هذه المسيرة ، فالمتواضع لا يمكن أن يتحول رأسا على عقب الى متكبر ما لم يطرأ طارئ أقوى منه ، اذ الغني المتواضع تكون له ميزة أعظم من الفقير المتواضع ، فالفقير ليس عنده شيء ليتكبر به ، وكذا الحال للمتكبر اذ لا يمكن أن يتحول بين ليلة وضحاها الى متواضع الا اذا جاءته هزة غير متوقعة فيها صحوة لضميره وسلوكه وخلقه جميعا ليندم على ما فات من الأيام وما ارتكب بها من حماقات بينه وبين الآخرين الذين يحيطونه .

ان ظاهرة الكبرياء تبدو واضحة للعيان غالبا عند من تكون له السلطة والجاه والنفوذ لينزلق بمآخذ تحسب عليه وليست له ، ليرافق ذلك كله ظلم وجور وأفعال باطلة بحق الناس الضعفاء الذين ليس لهم حول ولا قوة ، وهو بالتالي شذوذ وعقدة نقص في البنية النفسية والتركيب الاجتماعي ، ويأتي التواضع عكس ذلك تماما مثالا للنزاهة والاستقامة وحتى الفطرة السليمة .

فأيهما يرضيك ، وأيهما تختار ،تواضعا معه الحب والرفق أم كبرياء معها الحقد والكراهية . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...