أ.د. لطفي منصور
أبياتٌ في الغَزَلِ وَشَرْحُها: مِنَ الْوافِر
الشّاعر: خُلَيْدٌ مَوْلَى آلِ العبّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ عليه السَّلام.
المصدر: ديوانُ الحماسة لأبي تمّام (طبعة بالأُوفست - حيفا) 2: 139-140.
- أَما وَالرّاقِصاتِ بِذاتِ عِرْقٍ
وَمَنْ صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ
(الرَّقِصاتُ صِفَةٌ بَدَلَ مَوْصوفٍ، وهي الإبِلُ. والرَّقْصُ: نَوْعٌ مِنَ الْسَّيْرِ. وَذاتُ عِرْقٍ مِيقاتُ لإهْلِ العِراق، أَيْ مِنْها يُحْرِمونَ لِلْحَجِّ, وَتَبْعُدُ عَنْ مَكَّةَ مَرْحَلَتَيْنِ. والْمَرْحَلَةُ ثَلاثونَ كيلومِتْرًا؛ وَنَعْمانُ الأَراكِ: وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ يَكْثُرَ فِيهِ شَجَرُ الأَراكِ الصِّحْراوِيُّ، وَمِنْ أغصانِهِ تثتَّخَذُ الْمَساويكُ.
المَعْنَى: أُقْسِمُ بِالإبِلِ الرّاقِصَةِ بِالْحَجيجِ في طَرِيقِها إلَى مَكَّةَ، وَبِمَنْ صَلَّى بوادي نَعْمانَ. هذا هو الْقَسَمُ. أمِّا مَضْمونُ القَسَمِ فهوَ في البيتِ التّالي، وهو واضِحٌ )
-لَقَدْ أَضْمَرْتُ حُبَّكِ في فُؤَادي
وَما أَضْمَرْتُ حُبًّا مِنْ سِواكِ
(الْمَعْنَى: لَقَدْ كَنَنْتُ أيْ أَخْفَيْتُ، ومِن هُنا جَاءَ اسْمُ الْكِنانَةِ وهي جَعْبَةُ السِّهامِ لِأَنَّها تَكِنُّها أيْ تَحْفَظُها؛ وَمِنْهُ الْكِنُّ أَيْضًا وَهو الْبَيْتُ.)
- أَطَعْتِ الْآمِرِيكِ بِصَرْمِ حَبْلِي
مُرِيهِمْ في أَحِبَّتِهِمْ بِذاكِ
(الصَّرْمُ: الْقَطْعُ؛ الْحَبْلُ: كِنايَةٌ عَنِ الْوَصْلِ. الآمِرونَ: الّذِيْنَ يَأْمُرونَ، وعادَةً الأَهْلُ هُنا.
مُريهِمْ: فِعْلُ الأَمْرِ مِنْ أَمَرَ يَأْمُرُ: مُرْ أَنْتَ، مُري أنْتِ. أيْ مُرِي هَؤلاءِ الذينَ يَأْمُرونَكِ أنْ يَقْطَعُوا صِلَتَهُمْ بِمَنْ يُحِبُّونَه لِيَرَوْا كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ عَظيمًا عَلْيْهِم)
فَإنْ هُمْ طاوَعُوكِ فَطاوِعِيهِمْ
وَإنْ عاصَوْكِ فَاعْصِي مَنْ عَصاكِ
- رَعاكِ اللَّهُ يا سَلْمَى رَعاكِ
وَدارَكِ بِاللِّوَى ذّاتَ الأَرَاكِ
(رَعاكِ: دُعاءٌ لَها بِأَنْ يَحْفَظَها اللَّهُ هِيَ وَدارُها التي يَنْبُتُ فيها شَجَرُ الأَراك. الدّارُ هُنا لَيْسَتْ مِنَ الْمَدَرِ "الحِجارَةِ"، وَإنَّما مِنَ الْوَبَرِ "بُيوتُ الشَّعَرِ وَوَبْرِ الْجِمال")
- قَتَلْتِ بِفاحِمٍ وَبِذِي غَرُوبٍ
أَخا قَوْمٍ وَما قَتَلُوا أَخاكِ
(هذا بيتُ القَصِيد. فقدْ كَشَفَ عَنْ جَمالِها وَما حَدَثَ لهُ مَعَها. قَتَلْتِ: أي بِالْحُبّ. ووسيلَةُ القَتْلِ هُنا شَيئآنِ:
الأَوَّلُ: الْفَرْعُ الْفاحِمُ أَيْ الشَّعْرُ الأَسْوَدُ كَالْفَحْمِ.
الثّانِي: الثَّغْرُ وما فيهِ من الأَسنان ذاتُ الغُرُوبِ . وَالْغُروبُ جَمْعُ الْغَرْبِ وهو ماءُ الأَسنانِ الذي يُعطِيها الْبَريقَ، فَتَظْهَرُ كَحَبِّ اللُّؤْلُؤِ أوِ الْبَرَدِ. وهو منَ الْمَحاسِنِ الْمَعْدُودَةِ في النِّساءِ. قالَ عَنْتَرَةُ في عَبْلَةَ: الكامل
إذْ تَسْتَبِيكِ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ
عَذْبٌ مُقَبَّلُهُ لَذِيذُ الْمَطْعَمِ
مُقَبَّلُ: فاعِلٌ لِلْمَصْدَرِ عَذْبٌ. فلِماذا تَقْطَعِينَ صِلَتَكِ بي وأَنا لَمْ أَقْتَرِفْ ذَنْبًا وَلَمْ أَقْتُلْ لِكِ أَخًا؟)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق