( لعبة الكرسي )
لم نكن نعرف أن الكرسي الذي يجلسون عليه يسيل به لعابهم ، ولم نكن نعرف أن هذا الكرسي مجرد وسيلة لتحقيق أطماعهم ، ولم نكن نعرف أيضا أنهم يتشبثون بهذا الكرسي لحد الجنون ، في الوقت الذي كنا نعرف أن الكرسي عبء ثقيل يحمل وزره من يجلس عليه . ان الأوطان التي تنعم في ظل الديمقراطية الحقيقية ترى في الكرسي مسؤولية جسيمة لتحقيق أهداف نبيلة ورسم ملامح طريق للتقدم ، غير أنه في وطننا بدا لنا بوضوح خطر هذه اللعبة المقيتة التي تجاوزت المعقول في حجمها ومساحتها . لقد بدت خلال العقود الأخيرة من السنين مشاهد مروعة للارتقاء على هذا الكرسي اللعين الذي قاد الوطن الى متاهات مظلمة . من حيثيات النقد السياسي أنه اذا أشارت عليك الأصابع من أطراف سياسية متعددة بأنك فشلت في أداء مهمتك الفشل الذريع فانك ستصاب بخيبة أمل واحباط ، ومع ذلك فان الذي بيده زمام السلطة في وطننا يضرب هذه الموازين عرض الحائط ولا يبالي بكل سهام النقد التي توجه اليه ، وتراه يتمسك بهذا الكرسي اللعين متجاوزا كل أخطائه وحماقاته دون أن تكون له أية مواصفات للعمل الجاد المثمر . ان مثل هذا الحاكم لا يبالي بما يؤول اليه أمر الوطن وأمر الرعية .
انه سوء تقدير وسوء تخطيط أبتلينا به لنكون آخر الركب في وسط عالم متحضر عرف كيف يرتقي . ورغم الثروات الهائلة التي يزخر بها وطننا فانها لا تستثمر الاستثمار الأمثل الذي يجب أن تكون عليه بسبب الفساد المستشري في كل مرافق الدولة دون اتخاذ اجراءات حاسمة في مثل هذا الأمر الحيوي الذي يهدد الاقتصاد القومي بضربات موجعة مميتة . لقد تكاثر اللصوص وتفاقمت الأزمات وتعطلت الطاقات وسط أجواء ساخنة حتى لم نعد قادرين على تلمس الطريق لأنه طريق موحش ومظلم . ومع هذا وذاك فما تزال لعبة الكرسي هي الأثيرة لدى من يتولون أمورنا دون أن يساورهم ذنب بأنهم أساءوا الى الرعية الاساءات التي لا تغتفر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق