أ. د. لطفي منصور
خاطِرَةٌ!
مَمْلَكَةْ الْخَروفِ:
أَكْتُبُ هَذِهِ الْكَلِماتِ وَأَنا في ذَيْلِ عِيدِ الْأَضْحَى، أَوِ الْأُضْحِيَةِ وَالْأُضْحِياتِ، وَمَنْيِ الدَّمِ في مِنَى وَالْعالَمِ كُلِّهِ.
وَما هِيَ الضَّحايا؟ الضَّحايا أَكْثَرُ الْمَخْلُوقاتِ بَراءَةً وَسَلامًا وَغَباءً. أَعٍنِي الْخِرافَ.
لَكِنَّ جَشَعَ الْإنْسانِ لا يُوقِفُهُ رادِعٌ مِنْ ضَمِيرْ، وَلا وازِعٌ مِنْ دِينْ. يَذْبَحُونَ الْجِمالَ بِضَرْبَةٍ واحِدَةٍ مِنْ سَيْفِ، أَوْ يَعْقِرُونَها ثُمَّ يُجْهِزُونَ عَلَيْها بِالنَّحْرِ “فَإذا وَجَبَتْ جُنوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ”
وَلا تَسْلَمُ بَقَرَةٌ وَلا ثَوْرٌ وَلا عَنْزٌ.
لَكِنَّ هَنَاكَ أَقْوامٌ يَأْكُلُونَ كُلَّ ما دَبَّ عَلَى الْأَرِضِ، وَسَبَحَ في الْماءِ، وَطارَ في الْجَوِّ إلّا الْإنْسانَ فَإنَّهُمْ إذا جاعُوا أكَلُوهُ.
مِسْكِينٌ أَيُّها الْخَرُوفُ، تُطْعَمُ وَتُسَمَّنُ وَيُغْسَلُ صُوفُكَ، كَأَنَّكَ مَلِكُ الدُّنْيا، وَتُدَلَّلُ وَيُلاعِبُكَ الْأَطْفالُ والصُّغار، فَتَحْسَبُ هذا كَرَمًا مِنِ ابْنِ آدَمَ. آهِ لَوْ تَعْلَمُ مَصِيرَكَ أَيُّها الطَّلا، وَتَصْحُو مِنْ غَفْلَتِكَ ما أَكَلْتَ وَما شَرِبْتَ، وَلَكَفَرْتَ بِالْحَياةِ، وَتَتَمَنَّى أَنًَكَ لَمْ تُخْلَقْ.
وَلَوْ عَرَفْتَ بَشاعَةَ الْإنْسانِ وَقَساوَةَ ظُلْمِهِ، وَما يَصْنَعُونَ مِنْ لَحْمِكَ وَشَحْمِكَ وَجِلْدِكَ لَفَضّلْتَ أنْ تَكُونَ رُمَّةً مُنْتِنَةً، وَلا تَفْتَرِسُكَ الْعِيلانُ الْآدَمِيَّةُ.
هذا الْإنْسانُ الَّذِي وُهِبَ الْعَقْلَ لِيُحافِظَ عَلَى الطَّبيعَةِ هُوَ أَكْبَرُ مُخَرِّبٍ لَها، وَهُوَ أَعْدَى أَعْدائِها. هُوَ عَدُوُّ الْحَيَوانِ وَالنَّباتِ والشَّجَرِ وَالتُّرابِ والْماءِ وَالْهَواءِ. ثُمَّ عُدُوُّ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ.
ظُلْمُ الْإنْسانِ لا نِهايَةَ لَهُ، فَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّ ما عَلَى هذا الْكَوْكَب مِلْكٌ لَهُ لا يُنافِسُهُ بِهِ مَخْلُوقٌ آخَرُ.
يُجِيزُ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذي خَلَقَهُ.
وَيَدَّعِي أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِهَذا، وَأَحَلَّها لَهُ، وَجَعَلَهُ خَليفَةً في الْأَرْضِ. يَكْفي مَنْيًا لِلدِّماءِ، اِرَحَمُوا مَنْ أوْ ما في الْأَرْضِ يَرٍحَمْكُمْ مَنْ في السَّماءْ.
دَعْوَةٌ لِنَكُونَ نَباتِيِّينَ وَنَكْتَفِيَ بِخَيْراتِ الْأَرْضِ وَثِمارِها!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق