الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

فجر الظلام بقلم مصطفى محمد كبار

 فجر  الظلام


قلتُ لأبي بذروة

الوجع

يا أبي ...... ؟

قد بكيت على ذاتي 

المقتول

و دفنت كلَ ذكرياتي

حينما قرأت نعوتي بتاريخ

ولادتي 

و إني قد ورثت من الأيام 

كل الأوجاع دفعة

واحدة 

و لم يبقَ وجعٌ آخر ههنا

ينقصني

فأنا أعيش حياة البؤساء

المنكسرين 

و متربعٌ فوق عرش الهوامش

لوحدي في النسيان

هنا  الشمس تشرق  سوداء

قاحلة النور

هنا يا أبي ينقصنا آلهة 

مغايرة

آلهة غير  آليهتنا التي 

تحلمُ بهزيمتنا

أريد أن أسيج السماء بضباب

أحزاني

أريد  أن  أبكي هكذا

هي

لماذا  هكذا  هي العناوين

يا أبي تقتلني دائماً بصمتٍ

متراكم

و إني ضائعٌ يا أبي ما بين

جراحي و الموت

قل  لي  يا أبتي  من  منا  هو

المتوفي

درست الإكتفاء بالوحدة 

لألف عمر

فهدني الطعنات بزحمة 

الآلام

و أغرقني  صمت الآلهة

فجاءني  خدش الحياء من

نافذة السماء 

سمعت أنين البكاء يأتي

من بعيد

قلت في نفسي لآخري

المتوفي

هذا الصوت  كأنه  صوت 

أبي 

إنه يشق صدى الإنكسار 

بكى  أبي في القبر  معي

و تنهدَ  بحسرة

ثم عاد  و  أوعزني بالفراغ 

الساقط

فقلت له

منذ  متى   الرحيل كان

يسرقنا يا أبي

قال  منذ  نطقت  بأولى

الصلوات

قلت  لم  أكن  قد  ولدتُ

بعد

و لا  أتذكر  وجه  خيبتي

هناك   

فقال  .....   

قد  تركتك  ولداً  سعيداً  

يوما  كنت  صغيراً

فلما  الآن  تجهش  خلف  

الراحلين 

فأنا  حملتك  عندما  كنت

تحلم  بالفراشة

و سميتك  بالفتى  المدلل

ثم سفرتُ  بأجنحة الريح 

للغياب 

و تركتكَ  ورائي  لتكمل سيرة

الحياة يا ولدي

لما  نسيتَ أن تحيا حينما

كان الليل أزرق

فالموت يا ولدي

قد علق وصيتي الأخيرة 

على  الصليب 

و نام  معي  تحت  التراب

فهل  قرأت  يا بني 

من  الوصية  ما  يؤلمك

حزناً

قلت  نعم  

قد  قرأتُ  ما يكفي  لأتوجع  

أكثر  و أكثر 

لكني  لم  أفهم  لغة الموت

في  الشعر  الحديث 

يا أبي

و مازلت  ألتزم السكون  مع

الغيم  المسافر 

ساعدني  لو سمحت يا

أبي

دعني أنزلُ  من على ظهر

القصيدة  

لأجلس  عند  قبرك  و 

أبكي

فهنا  أجد  راحتي الأبدية  

و السكينة 

أعطني فرصةً  أخرى  لأبكي  

على وداعك القاس 

قال  أبي

يا ولدي الحزن  قد  أوشك  

على أن ينهي وجعه 

بجسدي

دعني أستوعب صورة

الخذلان معكَ

و إذا  بكيت  علي  يا  ولدي

هل  ستعيد  لي  الحياة

ثانيةً 

لأحضنك  بشدة  و  أرتب

هذا  الرحيل

قلت  لا  يا أبي

لكني  إذا  بكيت  على

قبرك  

سقطت الآلهة من السماء

متحجرة 

ربما  أشبع  من  البكاء  

حين  يستكن  الروح 

و يشرق  بي

قل  لي  يا أبي

كم  مضى  من الوقت 

على  غيابك

و  هل  النوم  هنا  لك 

أكثر  راحة 

أبي  .......... يا بني

هنا  يملكني  الموت حجراً 

فلا  أملكه

و  هنا  كل  الأحلام  هي

للتراب

قلت  له  إنهض  إذاً  من  هذه 

البرودة 

و إخرج  من  نفق ذكرياتي

كي ترتاح من همومي

دعني  أن  أنام  مكانك  يا

أبي

لأرضى  بهذا  الموت بعدك

إلى  يوم  القيامة  

دون  أن  أحمل  ذنب  

الراحلين

قال  

قبل  أن  تنام  معي  هنا

يا بني

هل كتبت من الشعر ما يشبه 

الموت 

و رقصت مع الملائكة

الصغار

و هل حملتك الفراشة لعالم

الخيال الوردي

و أدخلت لروحك من عطرها 

الفائح

و هل أضئتَ فجراً بعتمة 

الزمان

و  نقشت  على الحجر 

صورة  القصيدة  و هي

تبكي

هل  تمعنتَ  بشرح المفردات

حينما  أدمنت  الوحي

باكراً 

قلت آهٍ  يا أبتي

عندما أقتربت بوجعي من 

الآخرين  أشبعني

الندم

و إني قد  كتبت  على جدار

الحياة  راحلون

بسيرة  الحياة  الجارحة

لكني  

نسيت  في الغياب التام 

أن  أحيا بصورة 

الماء 

قال أبي

اكتب يا ولدي كل  ما يؤلمك

و تذكر  .. ؟

فمن يكتب وجعه في الشعر

و هو  يبكي

وحده  يملك  من  الوحي 

المعنى تماما


مصطفى محمد كبار 

حلب سوريا   ٢٠٢٣/٨/٥

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...