قَلبٌ بِلا عَقل
..................
حِينما كانَ يُهيمنُ عليَّ عَقلي
و يَستَبدُ بي الضَجرُ مِن طُول التَفكير المُتشَعب
كنتُ الجأّ إلی خَلع عَقلي و ركنِهِ علَی رُفوفٍ
مِنَ المَاء المَالح مَانِحَاً إياهُ إجازةْ إلی أجَلٍ مُسَمَی
وَ هكذا أبقَیَ جَسَدَاًً عَارِياً مِنَ الحِكمَة و الوَقَار
يَعبَثُ بِهِ القلبُ والعَواطفُ
و صَخَبُ المَشَاعرِ المُتَضارِبَة
و بَهذهِ الطَريقة كُنتُ أنسَلِخ عنِ الهُمُومِ
و تَشعبَاتِهَا و قِضَايَا العَالمِ و زَلَاتِهِ
كُنتُ أسرحُ و أمرحُ و أستَرخِي
في أجوَاءِ عَاطِفِية مُمتَزِجَة بالهَزِلِ
و المَرحِ و الإنشِرَاح
و أظلُ هَكذا حَتَی دَرَجة التَشَبُع
و حِينمَا أشعُرُ أنَّ مَنسُوبَ القَلبِ
قَد تَجَاوَوزَ الحَد الأقصَیَ من الإنغِمَاس في المَلَذاتِ
أعُودُ أدراجي إلی حيثُ تَرَكتُ عَقلي فأرتَدِيهِ
بَعدَ أن أكونَ قَد غَسلتُهُ سَبعُ مَرَاتٍ إحدَاهُنَّ بالماءِ
و هَكذا أكُونُ قَد نَزعتُ كُل سُلطَات قَلبِي
و سلمتُهَا لعقلي الذِي بَدورِهِ يَبدأُ رِحلتِهِ
مِن حَيثُ كَانَ يَنتَهِي
كاَنَ هَذَا حِينَما كُنتُ شَابَاً يَافِعَاً مُفعَمَاً بِالحَيويةِ
و النَشَاط
أمَّا اليَوم وقَد أصبَحتُ هَرِمَاً مُقعَداً
أرتَدِي عَقلِاً مُلَبَداً بالزهيمر
وَ قَلبِاً مُصَابَاً بالجَفافِ العَاطِفي
نَظراً لأنَّه أصبَحَ مُزدَحِمَاً بالمَخَاطر و بالإنكسَارَات
و برُوُحٍِ أصبَحَت بَدَورِهَا عُرضَةً للعَواصف الرَعدية والإضطِرَابَات
فَقد أصبَحتُ بِحَاجة أكثرُ مِن ذِي قَبل
إلی أربعةِ نِسَاء الأولَیَ تَمنَحُنِي عَقلَهَا
لإدَارة قَضَايَا العَصر
و الثَّانية تَمنَحُنِي قَلبَهَا لِإدَارة القَضَايا العاَطِفِية
و الثَّالثَة تَمنَحُني ظِلَّها لِأتوَارَیَ من زَمهَرِير العُمر
أمَّا الرَّابعة فَتسكُنني لَيلَاً و نَهَارَاً
و تَتمَاهَیَ مَعِي كَطَيفٍ يُلَازمُنِي بلا نهاية .
.........................
عبدالسميع الشدادي
،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق