الأربعاء، 7 مارس 2018

استقالة قلم .. بقلم المبدع شاهد على العصر

".. ما أصعبَ أن تمضي أيامك في إقناعِ القلمِ بتدوينِ المزيد ، وهو يعلمُ أنّ بناتَ أفكاره هيّ ما يعجلُ بهلاكهِ و نفاذِ سّاعاته ، فالمسّكينُ كانَ صامدا صامتا ككل مرة ، و نحنُ ننتزعُ جلدهُ إنتزاعا ، و ننكل بأحشائه بحثا عن خبايا الحروفِ و أسّرارها ، و هو يقفُ و الدّهشةُ ترتسّمُ على ملامحه ، لما هؤلاءِ البشر بهاتهِ الأنانية و البشاعة ؟! ، فاللّهُ أمرني قبلهم أن أكتب ، و جعلني مثلهم لي طاقةٌ ، و صبرٌ ، و عمر ، ولم يُكلفني إلا وُسعي ، فلما تجبرني تلكَ اليدُ الللعينة على إختراعِ حرفٍ جديد ، لتسّب هذا ، و ترضي ذاكَ ، لتعجبَ هؤلاءِ و تسّخط آخرين ، ما دخلي في حربِ المصالحِ الفكرية ، ألستُ كباقي المخلوقات لي نصيبُ من الصّحةِ و الراحة ، لِما أكونُ عبدا لهاتهِ العقولِ الشيطانية ، وهي لا تدرك ما تقول ، ولا مكانَ ولا زمانَ المقال ، ها أنا قد خلفتُ أجيالاً منَ عوانسِ الكلِم ، و الثكالى من الجُمل ، و اليتامى من الحروف المشردة على صفحاتٍ مطويات ، من ذا سيعيلها في غياهبِ كتابٍ منسّي ، من ذا سيقرأُ عليها السّلامَ و يُقرِؤها سلامَ القارئينَ ، من ذا سيعيدُ لها بريقها الذي إختفى في غبارِ الرفوف ، لو كنتُ كغيري من الأقلامِ عصيّ الفؤاد ، لحافظتُ على سلامتي و شبابِي و تمتعتُ بالخلود ، يا أيها الإنسّانُ ما أجحدك ، منحتك كلي ولم أبالي ، ولم تمنحني ولو قسّطا للتعافِي ، أو تركتَ الممحاتَ ترتبُ بعضَ ما تناثرَ من زلاتٍ في غفلتي ، فقسّمًا بالذي خلقَ القلمَ و أمرهُ بالكتابة ، و قسّما بحالةِ التيهِ و الكآبة ، ما كتبتُ بعدَ اليومِ حرفا ، وما خُضتُ بعدَ اليومِ حربا .. " 
 لا يتوفر نص بديل تلقائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...