الجزء الخامس
من قصة (التأشيرة)
لكن ما سبب حالة الرعب والبكاء الهيستيري الذي أصاب الأطفال بمجرد عودة الرجلين ومعهما فريق التصوير.
هذا ما أثار دهشة محمد و رفيقيه ، وكذلك بث في نفوسهم الهلع والرعب ، وكأنها عدوى أنتقلت إليهم دون أن يدروا.
هنا بدأ الرجل الأسود قوي البنية (الذي تحدثنا عنه في السابق) في الحملقة بوجوه الأطفال ليرى أيهم أكثر فزعًا ورعبًا ، كي يبدأ بهِ.
آه لو يعلم هؤلاء الأطفال الأبرياء أن معيار الاختيار هو مدى الفزع والرعب الذي يبدو على وجوههم ؛ إذا لأخفى كل منهم رعبه في أعماقه ولرسم على وجهه علامات الهدوء واللامبالاة.
ولكن كيف يعرف هؤلاء الأبرياء ما يدور بخلد أولائك المجرمون الدمويون.
وحتى لو عرفوا ؛ كيف يتسنى لهم إخفاء ما يشعرون به ، وهم لازالوا في عمر الزهور ، ولم يكتسبوا بعد صفات الخبث والدهاء التي يتحلى بها الكبار.
ولقد كان الطفل حسن ، هو من أكثر الأطفال رعبًا وهلعًا.
فهو يعاني منها حتى قبل قدومهم.
ألم يك يجهش بالبكاء منذ قليل أثناء حديثه مع محمد و رفيقيه ، ألم يك يجتر أحداث اختطافه من حضن أهله ، و من حياة الأمان والطمأنينة التي كان يحياها في كنف والديه.
لذا قد وقع عليه الاختيار !!!
وتقدم الرجل الأسود ، ينتزعه من بين الأطفال في غلظة ووحشية وسط صرخات حسن المدوية وتوسلاته التي تدمى لها القلوب وتدمع لها العيون.
وهنا صرخ محمد قائلًا:
اتركه إيها المتوحش ، ألا ترى ما به من فزع ورعب ، أليس في قلبك رحمة أو شفقة ، أليس لديك أطفال في مثل عمره.
لكن الرجل لم يكلف نفسه مشقة الرد على محمد أو حتى النظر إليه.
ثم أخذ الطفل إلى المكان المعد للتصوير ، وهنا بدأت المأساة
الحقيقية والتي كانت السبب في فزع الأطفال و رعبهم.
فما كانت معدات التصوير ؛ إلا لغرض أخذ مشاهد للتعذيب الوحشي ، والتي يظهر معها صراخ الطفل وعلامات الألم الرهيب على وجهه مع كل ظفر من أظافره يتم انتزاعه ، أو قطعة لحم صغيرة من جسده النحيل ، يتم تقطيعها بأدوات تم إعدادها خصيصًا لهذا الغرض.
وكانت قلوب محمد ورفيقيه تتقطع مع كل مشهد من مشاهد التعذيب ، بينما تتعالى ضحكات أولائك الدمويون ، وتضيع وسطها صرخات الطفل المسكين.
واستمر التعذيب فترة ليست بالقصيرة ، إلى أن فقد المسكين وعيه ، و ذهب في غيبوبة طويلة ، تلاشت معها صرخاته ، وضاعت معها ملامح الرعب والهلع التي كانت مرسومة على وجهه البريء.
وهنا فقط توقفوا عن التعذيب ، وتم استدعاء فريق طبي لإفاقته و تضميد جراحه ، والتعامل مع حالته السيئة التي أصبح عليها.
ثم تم اختيار طفل جديد ، لتبدأ الحكاية مرة أخرى وبنفس التفاصيل السابقة.
لكن ما الغرض من أخذ هذه المشاهد الدموية لتعذيب الأطفال ، وماذا يفعلون بتلك المشاهد بعد أخذها ، ولماذا يحرصون على بقاء الأطفال أحياء ، ويقومون بإسعافهم وعلاجهم بعد الانتهاء من عمليات التعذيب ، وأخذ تلك المشاهد الدموية.
كل هذا وأكثر ، سنعرفه في الجزء القادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق