الخميس، 26 أبريل 2018

التأشيرة الجزء الثاني .. بقلم االمبدع حازم قطب

وضع محمد حقيبته على كتفه ، والتي تحتوي على بعض الملابس والأوراق التي تثبت شخصيته، ثم قام بوداع أمه وأخيه الصغير دون أن تنبث شفتاه بحرف كلمة.
حمل الحقيبة ؛ وحمل معها أماله وطموحاته التي بات يحلم بها سنوات من عمره الماضي.
لكنه لم يكن يعلم أنه في طريقه لرحلة المجهول.
فالرحلة خطرة وغير مأمونة العواقب.
كيف لا ..
 وهو سيستقل زورق في جنح الظلام متخفيًا عن خفر السواحل الليبية في طريق هجرته غير الشرعية إلى إيطاليا.
 وبعد أن وصل إلى المكان المتفق عليه على الشواطئ الليبية البعيدة عن عيون خفر السواحل ؛ تقابل مع أفراد عصابة الهجرة غير الشرعية.
وهنا كانت المفاجأة!!
حيث تقابل مع أعداد غفيرة من الشباب أمثاله، الذين يحملون حلم الهجرة بين جوانحهم.
إلى هنا كانت الأمور تسير بصورة طبيعية.
لكن الغير طبيعي هو حالة التوجس والحرص الشديد التي كان عليها أفراد عصابة التهريب.
 حيث تم تجميع هؤلاء الشباب وإخفائهم بأحد الأكواخ على الشاطئ ومن ضمنهم محمد بطبيعة الحال ؛ في انتظار قدوم الزورق خلال الساعة المتفق عليها.
وبالفعل حضر الزورق ؛ وإن كان متأخرًا بعض الوقت.
إلا أن المفاجأة كانت في صغر حجم الزورق مقارنة بالأعداد الغفيرة التي ستستقله.
فكيف لهذا الزورق الصغير أن يجابه أمواج البحر العالية وهو محمل بأكثر من ضعف حمولته.
تعالت أصوات بعض الشباب و كان منهم محمد ؛ معترضين على هذا الزورق البالي صغير الحجم.
لكن في نهاية الأمر رضخ الجميع للأمر الواقع.
 فليس هناك خيار إلا ؛ إما أن تتخلى عن حلم الهجرة وتعود إدراجك من حيث أتيت ، فاقدًا ما دفعته من أموال ؛ أو تخاطر بحياتك في سبيل تحقيق حلمك والوصول إلى غايتك.
واختار الجميع المجازفة ؛ فليس في حياتهم ما يخشون عليه.
وحمل كل منهم روحه مع حقيبته ؛ وقفز في زورق الموت.
 لكن الأمور سارت بشكل طبيعي لا ينغصها إلا تمايل الزورق من حين لآخر خلال مسيره في أعماق البحر.
إلا أنه بعد مرور ما يقرب من ساعة، بدأت الأمور تتغير.
فإذا السماء تكشف عن وجهها الآخر ، وبدأت الغيوم والسحب في التكاثر ؛ والرياح في الزمجرة.
 وهنا بدأ القارب في الاهتزاز الشديد ، وتعالت الصيحات ، وبلغت القلوب الحناجر مع كل هزة شديدة للقارب.
وفي النهاية استسلم الزورق البالي لمصيره المحتوم ؛ وانقلب على رؤوس من فيه.
وغرق من غرق وتشبث بالأمتعة من تشبس ؛ وشرع في السباحة من يجيدها.
وقد كان محمد من حسن حظه من الذين يجيدون السباحة.
لكن الموج عال والبحر يعج بالأسماك المتوحشة.
لكن ليس هناك مفر من التشبث بالحياة.
وظل محمد ، ومعه ثلاثة يقاومون الأمواج ويصارعون الموت في تحد غريب.
لكن بعد فترة من الزمن خارت قوة أحدهم ، ونطق بالشهادة ثم استسلم لمصيره المحتوم.
وظل محمد والأثنان الباقيان معه يقاومون الموت ، ويشجع بعضهم بعض على الصمود والمثابرة.
وكانت ألسنتهم تلهث بالدعاء ، راجين الله أن يكشف عنهم هذا البلاء.
ولقد استجابت السماء لدعائهم.
 فقد تراءى لهم من بعيد مركب كبيرة ، وتهادى إلى مسامعهم صوت نفيرها ؛ كسيمفونية عذبة تعزف أروع الألحان.
وها هم رواد المركب قد لمحوهم من بعيد.
وها هي المركب تتجه نحوهم كطوق نجاة سقط عليهم من السماء.
وتم إنزال زورق صغير من المركب ؛ وكان به بعض الأيدي التي امتدت لإنقاذهم.
 لكن كانت المفاجأة ؛ أن هذه الأيدي ، لم تكن سوى ...

ونكمل غدًا إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...