أهمية الإعجاز العلمي بين المسلمين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وبعد:
فللإعجاز العلمي أهمية عظيمة بين المسلمين وقبل الشروع في بيان ذلك يحسن بنا أن نتعرض لتعريف الإعجاز العلمي.
تعريف الإعجاز:
الإعجاز: مشتق من العجز، والعجز: الضعف أو عدم القدرة، والإعجاز مصدر
أعجز: وهو بمعنى الفوت والسبق(1) والمعجزة في اصطلاح العلماء: أمر خارق
للعادة، مقرون بالتحدي، سالم من المعارضة(2).
ووصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم.
تعريف العلم:
العلم: هو إدراك الأشياء على حقائقها، أو هو صفة ينكشف بها المطلوب
انكشافاً تاماً(3). والمقصود بالعلم في هذا المقام: العلم التجريبي.
تعريف الإعجاز العلمي:
هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي،
وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول، وهذا مما يظهر
صدق الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- فيما أخبر به عن ربه سبحانه
وتعالى(4).
فهو "إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية" وهذا علم سماع عن طريق النقل.
"بحقيقة أثبتها العلم التجريبي" وهذا علم يحتاج إلى أجهزة وأبحاث ودراسات ومعرفة مدة التعرف على هذه الحقيقة العلمية.
"وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول -صلى الله عليه
وسلم- " وهذا العلم يحتاج إلى معرفة بالتواريخ للاكتشافات العلمية
المختلفة ومقارنتها بما كان عليه الحال في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-
حتى يتضح الإعجاز.
للإعجاز العلمي أثر بين المسلمين في تقوية
الإيمان وزيادته كأثر المعجزات التي شاهدها الصحابة، فالمعجزات الأولى
للصحابة كانت سبباً لإسلامهم والتي تليها كانت لتقوية الإيمان وزيادته وهذا
الإعجاز العلمي بين المسلمين هو لزيادة الإيمان وتقويته وتثبيته، ومع كثرة
الشبهات من العلمانيين والكفار تصبح المعجزات العلمية رداً واضحاً ومعجزة
بينه في زمننا لتثبيت المؤمنين على إيمانهم ولزيادة الإيمان قال تعالى:
﴿فَأَمّا الّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ
يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: 124].
فإذا كان الصحابة قد رأوا العشرات
من المعجزات في أحوال مختلفة والتي قد سمعنا بها من طرق صحيحة والتي تسمى
دلائل النبوة والتي تشهد للرسول صلى الله عليه وسلم وتثبت إيمان المؤمنين
وتقويه، ومن ذلك(5):
أولاً: الغيوب التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم وتحققتْ حال حياته أو بعد وفاته كما أخبر عنها.
ثانيا: المعجزات الحسية التي وهبها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم كتكثير الطعام وشفاءِ المرضى وانشقاقِ القمر.
ثالثا: الدلائل المعنوية، كاستجابة الله دعاءه، وعصمتِه له من القتل،
وانتشارِ رسالته عليه الصلاة والسلام، فهذا النوع من الدلائل يدل على تأييد
الله له ومعيِته لشخصه ثم لدعوته ودينه، ولا يؤيد الله دعياً يفتري عليه
الكذب بمثل هذا.
رابعا: القرآن الكريم وهو أعظمُها وأدومُها، إنه
معجزة الله التي لا تبليها السُنونُ ولا القرون، وبه تحداهم أن يأتوا بمثله
فلم يستطيعوا واعترفوا بشدة تأثيره عليهم مسلمهم وكافرهم.
خامسا: إخبار النبوات السابقة وتبشيرها بمقدمه صلى الله عليه وسلم.
سادسا: أخلاقه صلى الله عليه وسلم فأخلاقه وأحواله الشخصية الدالة على
كماله ونبوته، إذ لم تجتمع فيه هذه الصفات وتلك الكمالات إلا من تأديب الله
له، فقد أدّبه فأحسن تأديبه، وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله
«أدبني ربي فأحسن تأديبي»(6).
فإذا كان الصحابة قد رأوا عشرات
المعجزات والدلائل التي تظهر صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وتزيد إيمان
المؤمنين وتثبته وتقويه، ومن قرب من ذلك الجيل، فكيف بمن بعد عن ذلك الجيل؟
الجواب: في كل يوم تظهر معجزات لماذا؟ لأن هذا الدين ليس خاصاً بالصحابة
أو بمن أسلم من العرب فقط أو للجيل الأول دون الأجيال الأخرى ليس هذا بل هو
للناس جميعاً أبيضهم وأسودهم الجيل الأول ومن بعده إلى قيام الساعة ولذلك
أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ هذا الدين للناس جميعاً قال
تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ
جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ
هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ
الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف: 158].
وقال تعالى يخبرنا عن
مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً
لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: 28]وقال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ
مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ
وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ [الأحزاب:40] فإذا عرفنا أن
الرسول صلى الله عليه وسلم مرسل للناس جميعاً، وأنه لا نبي بعده فقد جعل
الله عز وجل لهذا الدين معجزة كبرى أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى
عظمتها بقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله
آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون
أكثرهم تابعاً يوم القيامة»(7) فهذه المعجزة الكبرى تُظهر في كل زمن وعصر
صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنها في عصرنا الحاضر الإعجاز العلمي،
ويظهر أثره في تقوية الإيمان وتثبيته بين المسلمين، ويقوم مقام المعجزات
المشاهدة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم بل هو معجزة مشاهدة في عصرنا
الحاضر ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ
يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة:124].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق