"..لقد سعى جاهدا أن يواكبَ تسارعَ الأحداثِ و قساوتها ، و كان مُتماسكًا على أملِ أن الغدّ أفضل ، لكنَ ذلك الغدّ المنشود كانَ أسرعَ من سابقيهِ لقد أتى عليهِ حينٌ من الدهر ولم يكن بعدُ شيئًا مذكورًا ، و لأنهُ أراد أن يكونَ له في العالمين إسمٌ يُذكر و جهدٌ يشكر ، بذل جهدًا بحجم المرارة ، و لكن عظيمَ جهدهِ هاته المرة ، إصطدمَ برياحٍ هوجاء لا تشتهيها السُّفنُ و لا البحارة ، فكسرت شراعهُ و تركتهُ في لجّ تيهٍ ، لقد إندثر المِسكينُ من هولِ الصدمة ، و بدت عليهِ علاماتُ الشحوب ، و إستفحلَ في ناظريهِ شيبٌ طارئ ، ذاكَ الطلاءُ الأبيض الذي في العادةِ يزينُ نواظرَ الكهولِ و يكسوهم هيبةً و وقارًا ، أصبغَ عليه في عز شبابه ، ولكن لم يكسهُ غيرَ نكبةٍ و هوان ، إذا رأيتَ شيبَ الفتى فإعلمَ أن روحهُ شاخت في ثنايا البدن ، و أن عمرهُ لا يمكن أن يقاسَ بعدد السنين ، لكن بعدد المصائب و المصاعب ، يمتلأ العالمُ اليوم بهذا النموذج من الشباب المشردينَ في أوطانهم ، و لا عزاء للمهمومينَ غير الصبر .. "

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق