تضحية أرملة
قصة قصيرة بقلم
الروائي / زغلول الطواب
أم لأربعة من البنات رحل زوجها وهو في ريعان شبابه تاركا خلفه أرملة وأربعة من الفتيات أكبرهن في عمر الثامنة والصغرى رضيعة العشرة شهور كان يعمل في تجارة الأقمشة دون أن يكون له محل لتجارته كان يبتاع الأقمشة من تاجر الجملة ثم يقوم ببيعها في الطرقات وكانت زوجته تقوم بالعمل خادمة في إحدى دور رعاية الأيتام كانت تعمل من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساءا مصطحبة معها بنتيها الصغرى والتي تكبرها يوميا وكانتا الأبنة الكبرى والتي تصغرها في المرحلة الأبتدائية من التعليم الأساسي الكبرى في الصف الثالث والأصغر منها بالصف الثاني الأبتدائي مات الأب ولم يترك لهم ما يستندون عليه لمقاومة مصاعب الحياة أنتهت مراسم الدفن والعزاء وجلست الأم وبناتها الأربع أمامها تنظر إليهن وينظرن إليها غير مدركات بما هو آت من عراقيل الحياة دون وجود والدهن ظلت الأم تنتحب حتى غلبها النعاس ومرت الأيام والأم تزداد صلابة وعناد كلما واجهتها المشكلات الحياتية ومتطلبات البنات الأربع فكانت تعملة خادمة في إحدى البيوت لتتكسب المزيد من المال لسد حجاتهن المدرسية وكانت تتسم بقدر عال من الجمال والأنوثة التي تثير رغبة الكثير من الرجال للأرتباط بها ولكن كلما وصل لعلمهم بأنها أرملة ولديها من البنات أربعة كانوا يتراجعون عن مطلبهم وكانت هي رافضة تماما لمبدأ الزواج بآخر حفاظا على بناتها لقد قررت ممذ وفاة زوجها أن تقوم بتربيتهن تربية سليمة مهما كلفها ذلك من تضحيات بدنية ومشكلات نفسية مما يقابلها يوميا من تحرشات الآخرين من عديمي الأخلاق والمرضى بالهوس الجنسي وظلت تقاوم وتضحي للوصول بهن لبر الآمان وكان لها ما أرادت وكانت على موعد مع تخرج أبنتها الصغرى من كلية الطب البشري في أحتفال جمع العديد من أساتذة الجامعات وكانت المفاجئة حينما سمعت أسمها بأختيارها الأم المثالية أمام جموع الحضور فدوت قاعة الأحتفال بالتصفيق فتقدمت لأستلام شهادة التقدير ووسام الأم المثالية بجانب أبنتها الدكتوره فقام مذيع الحفل بالنداء على بناتها الثلاث الكبرى دكتورة صيدلانية والتي تصغرها صحفية خريجة كلية الأعلام والثالثة مهندسة برماجيات حاسب آلي فتجمعن البنات الأربعة حواها ففاضت من عينيها دموع الفرح فتقدم عميد الكلية لتهنئتها وكذلك جموع الأساتذة والخرجين والخريجات قاموا بتهنئتها مقدرين لها تضحيتها
فأختلطت دموع الفرح بدموع الذكريات المؤلمة التي قابلتها في حياتها حتى وصلت بسفينتها إلى بر الآمان
الروائي
زغلول الطواب
جمهورية مصر العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق