فتوح (قصة قصيرة جداً)
====================
اعتاد أن ينجح في الامتحان بدون بذل أي مجهود ، فقد كان متمرساً خبيراً عالماً بأساليب في الغش لا يفطن لها إبليس اللعين ذاته
وكان لا يفتأ يفاخر ببراعته وشطارته في هذا المجال ويعتبر نفسه من المحاربين القدماء الذين لا يقبلون الهزيمة
دخل قاعة الامتحان وقد أعد العدة لقهر المستحيل كما كان يطلق على كل اختبار يخوضه
وزعت الأوراق وخيم الصمت فمراقبة اليوم كانت شديدة والمراقبون ليسوا من النوع الذي يعرفهم فهم لا يبتسمون للرغيف الساخن( تعبير يطلقه العامة على الرجل الجهم العبوس)
كان الوقت يسير بسرعة والمراقب الأصلع الأشيب لا تفوته فائتة ولا تشرد من قبضة نظراته أية محاولة للغش
كان فتوح يلتفت يمنة ويسرة كحرباء لا تحس لها حركة محاولاً اقتناص غفلة من المراقب ليفتح( روشيتة السعادة) ويأخذ منها المراد ولكن هذه الغفلة لم تأت بحلم صاحبنا ولم تكن لتحدث
- مضى نصف الوقت(قال المراقب)
اضطرب فتوح: أيعقل هذا ؟ ماذا جرى لك يافتوح؟ أين براعتك؟
- لا لن استسلم وسأخرجها مهما كلف الأمر
- بقي نصف ساعة
- ماذا؟ نصف ساعة؟ يا إلهي!!
أيعقل هذا؟
زادت ضربات قلب فتوح وراح العرق يتحدر على جبينه، شعر بالاختناق:
- يجب أن أخرجها يجب (قالها في نفسه)
مد يده اليمنى المرتجفة إلى وسطى يده اليسرى، تحسس خاتمه ذي أحجار العقيق الثلاثة نزع الحجر الأول.... الحجر الثاني
وانكفأ على الثالث وبصعوبة انتزعه
ظهرت (الروشيتة) بدت أمامه كشيطان يريد أن يخنقه
سحبها على غير عادته وشطارته......فتحها....ابتسم
- عيب عليك يافتوح عيب على طولك
- داخل على الله ثم عليك يا أستاذ
كان الأستاذ صارماً ومعروفاً بقساوته فلم في مثل هذه الحالة يتهاون مع أحد مهما كان وضعه
- كرمى لله يا أستاذ والله لا أعيدها ...امنحني فرصة ... فرصة واحدة..أرجوك
كان صوت فتوح اشبه بصوت الغريق المخنوق وهو يتوسل ويتوسل
- حسناً هات( الروشيتة ) ولا تعد
ولكن اعتمد على نفسك
هدأت أعصاب فتوح وانتظمت دقات قلبه
شعر بالارتياح
تمالك نفسه
أمسك القلم بأصابعه... قرب ورقة الإجابة منه ضغط على القلم وبدأ يكتب ...
- انتهى الوقت ، ضع القلم، وهات الورقة
بقلمي
جميل شريقي
( تيسير البسيطة )
من سورية
(مسترجعة من ذاكرة ١٩٨٧)
٢٨كانون الأول ٢٠٢١م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق