وجع الغياب
و يسألني الليلُ كيفَ أنا لا أبتسمُ
و أنا أعدُ بخيباتُ العمرِ كلهُ سَقمُ
فأضوعُ بحد السيوفِ بشرك الطعنِ
أسدُ باب ضحكتي بألمي والدمعُ ندمُ
فارقتني تلك من أهديتها روحي
كالحمقاء نامتْ بأحلامها وهي عدمُ
يا ويلُ الأيامِ كيفَ صارتْ كلها خائبةٍ
فالجرحُ مازالَ يعصرني و لا يلتئمُ
هي العفافُ من أشبعتني مرَ الحياةِ
و أسكنتْ بقلبي وجعٌ أسمهُ الألمُ
مالكَ تسألُ يا أيها المعتوهُ عن حزني
ألم تخبركَ الآلهةُ بأني مقتولٌ مرتحِمُ
أهزي بجرحي بسراطُ الموتِ راحلٌ
و دارُ جسدي مطعونٌ و تثقلني التهمُ
فلا الغيمُ أجنحتي و لا الضجرُ فَهمُ
أذوبُ كالشموعِ محترقٌ والنارُ ملتهِمُ
بباب الرجوعِ قد باتَ صلاتي خاشعٌ
يا أسفاً لمن بقي يخاطبهُ حزنَ الكلمُ
ياروحاً سكنتْ في الوتينِ وأوجعتني
يا جرحٌ من ورائهُ صارَ القلبُ منهزمُ
آهٍ لتلكَ السنينِ مالها تسرقُ راحتي
مالها تجعلني ساقطٌ ذليلٌ محطمُ
فلا تسألني يا أيها الليلُ عن بكائي
قل من بعدُ العفافِ كيفَ سأبتسمُ
فالجرحُ شديدُ الوجعِ مازالَ يكسرني
كالبعيرِ أرتعشُ مذبوحٌ بموتِ الزِممُ
متى ألقى الخاسرُ بوجههِ في الغيابِ
متى سألقى وجهُ الحبيبِ بذاكَ الحلمُ
ياحب من سينقذني من تعبُ السريرِ
وذكراهُ بقي يجرحني ألماً وراحَ يردمُ
فدارَ الزمانُ كلهُ وجعاً وأرهقتني تلك
الأيامُ التي باتت كلها جمرٌ و حِمَمُ
ضجرٌ و كأسُ النبيذِ مازلَ يهزمني
وتبغٌ بدخانهِ يحرقني بليالٍ كلها لئِمُ
فلا الحبيبُ قد صانَ عشرتي بطولها
ولا الزمانُ أرضاني و لا السماءُ رحِمُ
على دربُ السرابِ أتوهُ بغربتي حائرٌ
فلا النعشُ ينقذني و لا القبرُ ينهدمُ
أجرُ بقايا الجسد من ورائي كالحقيرِ
و دروبي ظلامٌ دامسٌ النورُ منعدمُ
وذاكَ الرحيلُ قد دارَ بسقوطي ذابحٌ
فصارَ الشرُ جهرٌ بهذا الزمانْ مزدحمُ
لو كانَ لوصالهِ دربُ النجاةِ لصرتُ
بهِ كريحِ أتلهفُ وصلهُ بخطى القدمُ
فعجبي لمن أحببتهُ كيفَ يفارقني
و روحُ الوتينِ بقي بروحهِ ملتحمُ
هي الحروفُ من تصلبني بجدارها
ألماً و بمرُ الخيبةِ بقَيتُ أسيرٌ ملتزمُ
أجني من وجعُ السنينِ سرابَ الدمعِ
كالغريقِ أغدو بلوعةُ الأحزانِ هِرمُ
فكلُ أحلامي ساقطةٌ بالطينِ وهِمُ
كلَ من يقربني بدمهِ ينقلبُ عجمُ
فالويلُ لسقوطِ القلبِ بجدارُ الوجعِ
كيفَ أسقطني وجعاً و راحَ يصتدمُ
مصطفى محمد كبار
٢٠٢٢/٨/١٨ حلب سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق