ما أجمل جبر الخواطر
للفرح دموع ، وما أجملها من دموع ويشعر بها الإنسان بنشوة من السعادة والأبتهاج وخصوصاَ عندما تطرق قلبك وتدخل بدون أستئذان، أو موعد مسبق .
والأجمل من ذلك عندما يحدث أمام عينيك أمر يهز كيانك وأنت تنتظر وتترقب ماذا يحدث ؟ وكيف تدارك الأمر والتعامل معه بحنكة ودهاء ؟ وخصوصاً إذا تعلق الأمر بجبر الخواطر وإسعاد الآخرين بدون أن تشعرهم بالصدقة أو المنة .
نعم أستذكر ذلك الموقف الذي لم أنساه مهما حُييت ، عندما كنت أتسوّق في إحدى المولات وقد اشترينا ما نريده وذهبنا إلى طابور الكاش ؛ كان أمامي رجل تنظر إليه تجد فيه البراءة والوجه البشوش الحسن وعند النظر إليه ترتاح له بما يظهره من بساطة وخلق طيب كما يقال سِماهم في وجووهم ، وكانت علي يمينه أمرأة ومعها طفلها لا يتجاوز الثامنة من العمر تقريباً بيني وبينه ، تقف بأستحياء وتحمل في يديها
أغراض بسيطة وابنها يحمل بيديه علبة صغيرة من الجبن والزعتر ، أما ذاك الرجل الذي يتقدمنا أمامه عربة مملوءة بكل ما تشتهي الأنفس من لحوم وأجبان ومعلبات
تقدر ثمنها براتب موظف في القطاع العام ؛
وكان الطفل يتململ وينظر للعربة ويقول أماه ما عندنا دجاج ، أماه ما عندنا مثل ذاك الكيس الذي بداخله شيء أحمر( اي اللحمة ) أماه .....أماه ....ما عندنا كذا وكذا
ولكن بصوت خافت ؛ ومسموع لمن أسترق السمع، والأم تحاول إسكات إبنها بشتى الطرق ، أمي أن شاءالله سأحضر لك كل ما تريده في المرة القادمة ؛ أماه كل مرة تقولي لي نفس الكلام ولم تحضري شيئ .
أمي لا أملك المال عندما أملكه سأشتري لك ولإخوتك كل ما تريدونه .....
أصبحت أكلم نفسي وأهمس في وجداني أن أعطي الطفل بعض المال لكن خشيت من إحراجها أو أحراجي أمام الناس وكان فكري مشوش بهذا الموضوع وتارةَ أقول: سأدفع عنها الحساب وتارة أقول ، لو قالت لي هل تتصدق عليّ ؟ أو تقول بأي صفة تدفع عني ؟ ماذا أقول لها ؟
ولكن نطق قبلي ذاك الرجل الذي يصطف أمامي وخاطب المرأة ، أختي الكريمة ممكن تضعي اغراضك في عربتي وعند الحساب تأخذي اغراضك خوفاً من أحد يعترض عليك بالنسبة لدورك كونك لا تملكين دور،
قالت : معي كم غرض مو مستاهل أن أصطف على الطابور وكما تشاهد في أزدحام على الكاش ، قال الرجل الطيب هذا ما أردته أختي ضعيهن لو سمحتي .
فعلاً وضعت الأغراض البسيطة في العربة ،
وقد حان وقت الحساب ولكن الرجل اخرج من جيبه الفيزا كارد والهاتف وتكلم بصوت مسموع الوووووو نعم نعم الحمد لله على السلامة ، أنتم أين الآن....... في المطار حالاً سأحضر اليكم انتظروني في الأستراحة وأغلق الهاتف ، وأعطى المحاسب الفيزا كارد للكاش ليحاسب عن جميع الأغراض وحاولت المرأة التقاط أغراضها لتحاسب ولكنه بادرها بصوته الطيب من فضلك سيدتي انتظري لحظة ،
وتم الحساب والعامل وضع الأغراض في أكياس ثم اعادهن للعربة وأخذ العربة جانباً ولحقته المرأة ، أخي اغراضي معك أعطني أياها لدفع ثمنها، تجاهل كلامها وقال لطفلها ما اسمك عمي قال أحمد عمي قال له عمي العرباي هذه كاملة لك هدية أحمد .
المرأة ماذا تقول أخي؟
أنا أريد اغراضي أخي لو سمحت هذا ليس ملكي !
أختي الكريمة لقد سمعتي مكالمتي عندي ضيوف وينتظرون في المطار وإذا لم تأخذي
هذه الأغراض أنا سأتركها هنا ممكن أي إنسان يأخذها أحمد أولى من الآخرين مبارك عليكم مضطر أذهب فإما أن تأخذيها أو تتركيها لصاحب النصيب وذهب دون أن ينظر خلفه .
ففرح أحمد وقام مع أمه بدفع العربة للخارج وسط دهشة الأم والطفل ويعينيهما
ترشح دمعاً من الفرح والسعادة وتقول ما قلت لك إبني ربنا سيفرجها علينا الحمدلله .
وأنا متابع الحدث أول بأول كوني كنت قريب من الأحداث، وذهلت من ذلك المنظر وكرم الرجل وفرحة الأم وابنها بتلك العربة .
وأنا خارج لفت انتباهي نفس ذاك الرجل يدفع بعربة جديدة ويتسوق من جديد ، سيدي لو سمحت ممكن أسألك سؤال ؟
تفضل أخي ؛ لقد كنت قريب منك وانت تهاتف شخص للذهاب للمطار وأعطيت المرأة العربة وما فيها لتستقبل ضيوفك .
سيدي : قد سمعت حوار الطفل وأمه وعلمت بوضعهم السيء وكانت معهم أغراض بسيطة ، فرفعت النقال أمام أعينهم لإوهمهم أنا مضطر للذهاب ولا اشعرهم بالصدقة والشفقة عليهم وخيرتهم بأن يأخذوها أو يأخذها غيرهم ، يكفيني اني رأيت السعادة على شفتيهم وجبر خاطر ذاك الطفل وأمه وكنت أسعد الناس بهذا الفعل البسيط
ما أجمل أن تساعد الآخرين دون منية أو إحراج أو خدش مشاعرهم ، وليس كما يحصل الآن المساعدات وفاعل الخير والتصوير والتشهير والتقاط عشرات
الصور وبثها لينال شهرة الدنيا وخسر
الأجر والثواب والآخرة.
...................
بقلمي / إبراهيم محمود طيطي
الأردن/ إربد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق