السبت، 1 أكتوبر 2022

دكتور عمر أحمد العلوش🧡


 ليلة اشتعل فيها القمر


كانت فاتحة الليل سكون وسكوت  ، دفء يلف المكان يسري في وريد البرد فيبددها برفقٍ وحنو فتنصرف برضًاوحبور ،

كل مافي المكان خافت هادئ الصوت والضوء والأثاث ، حتى الكأس المتعبة من الانتظار قد عرق كعبها من برد مابها ، وهي تنتظر شفاه ترسم عليها رشفةً .


الستائر المنسدلة بإتقانِ رسامٍ تحجب خلفها ماضٍ أضناه الشوق

وكأنها حُجب أَسدلت خلفها الكون بمواجعه وأحزانه وآلامه ، أغنية مقهورة تنبعث من ركن ما من ذلك المكان بصوت مطربة

تذوب رقة تقول بعض كلماتها : ( ماذا أنا لو أنت لا تحبني ،ما الليل ما النهار ما النجوم ما السهر ) وسكت ذلك الصوت المقهور لينبعث صوت آخر من جهة أخرى (على وقع أقدام لجسدِ ممشوق كأنه فرس تستعد لمضمار سبق ) وهي تردد ذات الأغنية التي صمتت منذ برهة لترفع القهر عنها : ( وما أنا مجنونة كي أطفئ القمر) .


انتصبت أمامه ملاكاً لمس الأرض أول مرة ، فأشعل القمر  ، هنا شعر بأن وجهه تورد حيرة وارتباكاً وخجلاً فلا أطفأت قمراً بل أشعلت عمراً ، حاول أن يظللها فيما يعتريه فظللته بتصديقها

 لتخرجه من جميل انبهاره وقد راق لها حاله .


تلك الكأس المتعبة من الانتظار التي كانت مركونة هناك قد انسكبت عطراً ، فأزهرت ربيعاً فهام بها شوقاً ، و كأن الكأس تتشهى ثغراً وثغراً  ، لينسدل شَعر طويلٌ بجانبه  كما الليل وينام ، وإذا بليله أقصر من طول شعرها المسافر على وجهه  ، وإذا الفجر نذير مطل كالحريق .


تنهض وكأنها في حلم مفزعٍ ، و إذ بالريح قد دمرت المكان فقد

أبقت نافذة في أقصى المكان لم تغلقها ، من خلال تلك النافذة عاصفة هتكت كل الستر والحجب والرتابة ودمرت السكون والسكوت وقلبت الكأس المترعة نشوة ومتعة وصلبتها  ،  فقال والنشوة تسري بلسانه : عندما تبقين نوافذك مفتوحة لن يسترها

ظلمة ليل ، فالستر واهٍ . وغادر والقمر من يومها يحترق ليبقى غده كما أمسه وللأبد  .


د. عمر أحمد العلوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...