اِرْفَعْ صَوْتُكَ وَلْتَصْرُخْ بِلَا
****
قُلْ لَا
لَا تَمْتَثِلْ، لَا تَأْتَمِرْ
لَيْسَ لَهُمْ مَا بِهِ يَتَفَوَّقُونَ عَلَيْكَ لِتُحْتَقَرْ
لَيْسَ لَهُمْ سُلْطَانٌ وَتَصْنِيفٌ فَوْقَ البَشَرْ
لَيْسَ لَهُمْ عَلَيْكَ نَهْيٌ أَوْ أَمَرْ
فَأَنْتَ الأَحَقُّ بِالسِّيَادَةِ وَالرِّفْعَةِ وَالقَدَرْ
اِرْفَعْ صَوْتُكَ وَلْتَصْرُخْ بِلَا
لِتَخْرُجَ عَنْهُمْ وَمِنْ حُصُونِ الأَسر
لِتَحْيَا شَعْبًا حَاكِمًا لِلْأَرْضِ وَالشَّمْسِ وَالقَمَرْ
فَلْتُقَرِّرْ بِأَنْ تَحْيَا حُر
خُلِقْتَ لِتَطَالَ قَامَتُكَ العُلَا
وَلِتَحْيَا حُرًّا كَيْفَمَا تَشَاءْ
وَحَيْثُ تَشَاءْ
وَلِيُعَانِقَ صَوْتُكَ غَيَاهِبَ السَّمَاءْ
وَلِتَعِيشَ حُرًّا وَحُرًّا وَحُرًّا
***
لَا لَا لَا
لَا تَمْتَثِلْ، لَا تَأْتَمِرْ
مِنْ أَيْنَ لَهُمْ كُلُّ تِلْكَ العُيُونُ وَرُدُودُ الخَبَرْ
مِنْ أَيْنَ لَهُمْ مَا يَجْرِي فِي دِيَارَنَا
عَنْ قَادِمٍ مِنَ المِرِّيخِ، وَعَنْ مُسَافِرٍ إِلَى زُحَلْ
وَعَنْ فَرَاشَةٍ حَطَّتْ عَلَى سَبْلَاتِ الزَّهَرْ
مِنْ أَيْنَ لَهُمْ مَا نُظْهِرُ مِنْ أَفْكَارٍ وَمَا نُسِرْ
أَلَيْسَتْ عُيُونُنَا يَبُثُّونَهَا عَلَيْنَا
أَلَيْسَتْ آذَانُنَا يَسْتَرِقُوَنَ بِهَا أَسْرَارُنَا الدُّرَرْ
مِنْ أَيْنَ لَهُمْ كُلُّ تِلْكَ السَّوَاعِدُ التِي تَصْنَعُ لَهُمْ الرَّخَاءْ
وَتُكْرِهُنَا عَلَى الاسْتِعْبَادِ وَعَلَى الوَلَاءِ
وَتَبْطِشُ بِنَا لِنَقْبِلَ بِقَضَاَئِهِمْ وَالقَدَرْ
إِنَّهَا أَيَادِينَا بَنَتْ أَمْجَادِهِمْ مِنْ صَنَمٍ وَحَجَرْ
إِنَّهَا سَوَاعِدَنَا شَيَّدَتْ قُصُورُهُمْ وَأَقْعَدَتْنَا فِي الحُفَرْ
فَيَكْفِي أَنْ تَصْرُخَ فِي وُجُوهِهِمْ بِلَا
لِتَنْعَمَ بِالسَّلَامِ الدَّاخِلِي وَبِالفَخَرْ
وَلِتَعِيشَ حُرًّا وَحُرًّا وَحُرًّا
***
قُلْ لَا
لَا تَمْتَثِلْ، لَا تَقْبِلْ بِحَيَاةِ قُطْعَانِ البَهَائِمْ
فَلَوْ حَكَمُونَا كَمَا حَكَمُونَا
وَلَوْ قَمَعُونَا كَمَا قَمَعُونَا
وَلَوْ أَسَرُونَا كَمَا أَسَرُونَا
وَلَوْ صَنَعُوا مِنْ لَحْمِنَا أُكْلَاتًا وَوَلَائِمْ
سَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ سِجْنُنَا كُلَّمَا عَذَّبُونَا
وَسَيَسْتَمِرُّ الإِنْسَانُ الحُرُّ فِينَا ثَائِرٌ وَحَالِمْ
سَتَتَهَاوَى عُرُوشُهُمْ كُلَّمَا تَعَرَّتْ صُدُورُنَا
وَسَتَنْتَصِرُ بُطُونُنَا الخَاوِيَةَ عِنْدَ حُلُولِ لَيْلِهِمْ الدَّاهِمْ
فَلَوْ شَرَّدُونَا كَمَا شَرَّدُونَا
وَلَوْ هَجَّرُونَا كَمَا هَجَّرُونَا
وَلَوْ عَذَّبُونَا كَمَا عَذَّبُونَا
وَلَوْ نَصَبُوا لَنَا المَشَانِقَ فِي كُلِّ عَمُودٍ قَاِئمْ
سَتَضَلُّ أَصْوَاتُنَا أَعْلَى مِنْ أَصْوَاتِهِمْ
وَمِنْ أَصْوَاتِ طَلَقَاتِهِمْ وَصِيَاتِهِمْ
وَسَتَسْتَمِرُّ إِرَادَتُنَا الحُرَّةُ أَقْوَى مِنْ أَصْفَادِهِمْ
وَسَنُعَبِّدُ طَرِيقَ الثَّوْرَةَ بِدِمَاءَنَا الزَّكِيَّةَ وَبِآلَافِ الجَمَاجِمْ
وَلَوْ سَحَلُونَا كَمَا سَحَلُونَا
وَلَوْ أَهْلَكُونَا كَمَا أَهْلَكُونَا
وَلَوْ صَلَبُونَا كَمَا صَلَبُونَا
وَلَوْ أَعْدَمُونَا كَمَا أَعْدَمُونَا لِيَسْتَمِرَّ نِظَامَهُمْ الظَّالِمْ
لَأَنْجَبَتِ الأَرْضُ الآلَافَ أَمْثَالُنَا، هُمْ بُرْكَانُنَا القَادِمْ
وَسِلَاحُنَا الهَادِرْ الذِي لَا يُقَاوِمْ
***
قُلْ لَا، حَرِّرْ نَفْسِكْ
لَا تَمْتَثِلْ عِنْدَ مُنْقَلِبٍ عَلَى إِرَادَتَكْ
لَا تَأْتَمِرْ عِنْدَ مُمْتَهِنٌ لِكَرَامَتِكْ
لَا تُطِعْ مَنْ قَمَعَكْ وَسَلَبَ مِنْكَ حُرِّيَّتِكْ
كُنْ شَعْبًا بُرْكَانِيًّا يَثُورْ
إِنَّ الحُكَّامَ خَدَمٌ يَأْمُرُونَ وَيَنْهُونَ بِاسْمِكْ
لَا سُلْطَةَ لَهُمْ لَوْلَا صَوْتُكْ
لَا مَنَاصِبَ لَهُمْ لَوْلَا أَنَّكَ وَلَّيْتَهُمْ أَمْرُكْ
وأَنْتَ الحَاكِمُ بِأَمْرِهِ صَاحِبُ التَّفْويضَ وَالدُّسْتُورْ
مَالِكُ القَرَارَ الفَصْلَ حِينَ الزَّمَانُ يَجُورْ
وَإِذَا الدَّوَائِر عَلَيْكَ تَدُورْ
فَكَيْفَ تَصْنَعْ مِنْهُم الفَاسِقَ وَالفَاسِدَ وَالدِّكْتَاتُورْ
وَتَكْتَفِي بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ فِي صَلَوَاتِكَ وَالمَنَاسِكْ
وَتَرْتَضِي لِنَفْسِكَ الحَيَاةَ فِي ظَلَامٍ حَالِكْ
وَالمُسْتَبِدُّ يَنْعَمُ بِحَيَاةِ التَّكْرِيمِ وَالحُبُورْ
هَيَّا قُمْ وَحَرِّرْ نَفْسِكْ
هَيَّا أَصْنَعْ لَكَ تَارِيخًا جَدِيدًا يَرْفَعْ رَأْسَكْ
قَدَرُكَ أَنْ تُقَاوِمْ لِتَحْيَا حُرًّا جَسُورْ
وَلِتُحَلِّق عَالِيًا مَعَ الطُّيُورِ وَالصُّقُورْ
فَلِلْحُرِّيَّةِ مَهْرٌ ثَمَنُهُ نَفْسُكَ وَحَيَاتُكْ
وَمَجْدٌ وَشَرَفٌ يَسْتَمِرُّ بَعْدَ مَمَاتِكْ
تَسْتَحْضِرُهُ الأَجْيَالُ القَادِمَة بِفَخْرٍ وَسُرُورْ
قُل لَا وَحَرّرْ نَفْسِكْ
عِشْ حُرًّا، فَمَا النَّصْرُ إِلَّا صَبْرُ سَاعَةٍ إِنْ قَرَّرْتَ أَنْ تَثُورْ
أَوْ مُتْ كَالأَشْجَارِ وُقُوفًا وَأَنْتَ فَخُورْ
****
يَا لَيْلُ مُوَشَّحًا بِالسَّوَادِ
لَيْسَ لِي إِلاَّ أَنْ أَسْهَرَكْ
مَنْ سَرَقَ مِنْكَ أَلْوَانَكَ فَغَيَّرَ مَظْهَرَكْ
سَوْدَاء قُلُوبُنَا تَرَى فِيكَ السَّوَادْ
وَسَوَادَكَ طَغَى عَلَى كُلّ الأَلْوَان فَطَلْسَمَكْ
اشْتَكَيْنَاكَ جَوْرَ الحُكَّام وَحَالُ البِلَادْ
عَرَّيْتَنَا فَفَضَحْتَ قُبْحَنَا فِي رِحَابِ مَعْبَدِكْ
أَعْرَضْتَ عَنْ صُحْبَتِنَا حِينَ خُنَّا الوِدَادْ
وَحِينَ غَيًّرْنَا بِغَبَائِنَا مَجْرَى الوَادِي
فَأَهْلَكْنَا الأَرْضَ وَالزَّرْعَ وَالعِبَادْ
وَسَرَقْنَا أَلْوَانَكَ الزَّاهِيَةَ حِينَ تَنَكَّرْنَا لِرِفْقَتِكْ
فَلِمَ تَحْزَنْ لِحَالِنَا وَنَحْنُ نَتَشَهَّى الِاسْتِبْدَادْ
وَنَسْعَدُ مِنْ زَمَانٍ بِحَيَاةِ الاسْتِعْبَادْ
وتخيفنا الحرية وَالتَّغْيِيرُ وَصُحْبَتِكْ ؟
وَلِمَ تَأْسَفْ لِحَالَنَا حِينَ طَبَّعْنَا مَعَ الفَسَادْ
فَجِينَاتُنَا تَخْتَزِنُ حُكْمَ ثَمُودَ وَعَادْ
وَتَارِيخَ مِنْ أَفْسَدُوا فِي الأَرْضِ وَالبِلَادْ
وَلَيَالِ تَعْظِيمٍ وَتَهْلِيلٍ لِحُكَّامِنَا فِي مَجَالِسِكْ
عُمْيٌ قُلُوبَنَا، قِفْرٌ عُقُولًنَا، عَلَيْهَا الحِدَادْ
فَلَكَ يَا لَيْلُ أَلْوَانَكَ الزَّاهِيَةَ وَلَنَا السَّوَادْ
لَسْنَا أَهْلٌ لِلْحُرِيَّةِ وَلِرِفْقَتِكْ
****
الشاعر : الكيلاني بوستة
الأحد 03 جويلية 2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق