في العام الثاني من عمر الفقد .
في العام الثاني من عمر الفقد تماما في الساعة العاشرة والنصف من توقيت نحيب السماء ، سمعت الخبر الذي كنت دوما أخشاه. كان قد مر عام على آخر لقاء لي بك ، ذلك اللقاء الذي اختلسته رغم انف البعاد . كنت اعتدت انا وإياك على زياراتي الصيفية ولكن لم اكن اعلم ماذا يخبئ لي القدر. زارتني الهواجس ذاك الشتاء وظهرتَ لي في كل أحلامي فحزمت شوقي وحنيني في حقائب غربتي وحضرت إليك . قضيت معك أسبوعا من الاشواق والحب والدفء الأبوي ولكن لم تخمد أشواقي. دقت ساعة الفراق ورن صوت المنبه البغيض الذي اضبطه على ساعة السفر نحو الجسر الذي سالت عليه دموع بعمر النكسات الفلسطينية مجتمعة. كم من المحزونين عبروه ممن احترفوا الحزن على فراق من يحبون، فتركوا نياط قلبهم على ناصية الفراق. كعادتك كنت تتربع على سريرك وتمسك بمصحفك الكبير الذي رافقك في تراتيلك الفجرية . كنت كعادتك تكابر في وجع الفراق. قبلتُ جبينك المضمخ بآثار الوضوء وحاولت ان أقبل يديك فافلتها مني . كعادتك لا تقبل لنا الانحناء. جرجرت أقدامي وتبعتُ أخي الذي يجر حقيبتي ، ولكن نداء خفي همس لي : ماذا لو كان اللقاء الأخير ؟ سمعت شهيق روحي وقفزات فؤادي بين الضلوع . رجعت راكضة من ذات الممر فتمكنت من الامساك بك بجرم الحنين ، كنت انظارك تلاحقني بحب جريح . رجوتك ان أقبل يديك فقلت ؛ " الله يرضى عنك يا بنيتي ما بحب الوداع. " هذه المره هتاف في داخلي جعلني لا انصاع لرغبتك هذه لأول مرة في حياتي فقمت بانتزاع القبلات من كل مكان أصل اليه حتى قدميك الجميلتين . احترقت ببكائك المكبوت ووجهك المحمر الذي اشحته عني حتى لا أرى آثار الياسمين المسفوح على وجنتيك ونبضات الشوق لزيتون البلاد المنبثق من مقلتيك…. استقليت السيارة ولا زلت انظر إلى نافذتك التي أزيحت ستارتها لتسترق النظر قبل أن أذهب بعيداً وفعلا ، كما كان داخلي يخبرني ، كان ذلك هو اللقاء الأخير .
#بقلمي
#إيمان_مرشد_حمّاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق