قصة قصيرة
عطر قهوة الجد
طفل صغير جده يحبه جدا و لا يفارقه .
مسموح له بتجاوز كل المحظورات في ديوان جده المعد للضيوف لا يفارق الجد يلاعبه و يهتم به كثيرا.
كثيرا ماكان يحمله على كتفه و ظهره حتى في الصلاة .
يوقضه معه فجرا
و يؤنس احدهما الاخر .
كل مساء كان الجد يهيئ مستلزمات و ادوات صنع القهوة العربية المعطرة بحبات الهال .... يرافقه حفيده الصغير
يحمل معه تلك الادوات النحاسية من دلال و هاون ( هون) الطحن الى المقلاة و قدور حفظ ذلك المزيج ذو الرائحة الزكية التي تملأ المنزل برمته .
يخرج معه حبات القهوة ذات اللون البني الجميل و يضعون الفحم في المنقلة الاثرية حيث ستسقر دلال القهوة و تفوح رائحتها الزكية
ينتهون من صنع القهوة فيجربها الجد و صديق له
و يتذوق الصغير القهوة فيشعر بمرارتها فيبتسم الجد قائلا مرة يا ولدي لكنك سترى ان مرارتها تستحيل حلاوة و عذوبة تشبه الدنيا يا ولدي احيانا نتذوق مرارتها و نجد فيها شئ جميل .
فيرد الصغير جدي اريد قهوة
فيناوله فنجان فاخرا فيرتشفها على دفعات
مضت الايام و شاخ الجد و كبر الصغير لكنهما لم يفترقا و خصوصا حظور ليلة العيد
حيث يعدان قهوة للضيوف الذين سيأتون ليتبادلو تهاني العيد .
يفرح ذاك الصغير
عندما يطلب منه الجد استقبال الضيوف عند باب المنزل الملئ بكل الذكريات الجميلة المحفورة في ذاكرة ذاك الصغير
توالت الايام و مات الجد فبكي الصغير بحرقة و نادى جسد جده المسجى ... جدي
من سيعد القهوة
من سيلاعبني
من يؤنسني
اين المفر من الفراق ...
اصبح الصغير شابا يافعا لكنه يشتاق الى عطر قهوة الجد الراحل .
تقوده قدماه الى مكان اعداد القهوة لكنه لم يعد يشم ذاك العطر المميز .
كثيرا ما كان يذهب الى شارع الرشيد فيدخل عامدا من جهة حافظ القاضي ليستمع بشم رائحة محل بن البرازيلي حيث تفوح رائحة القهوة و تعزو انوف جميع المارين في الشارع فيتذكر
عطر القهوة العتيدة الممتزجة بذكرياته مع جده
بقلمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق