سيرة الحرف المعظم
أنا
المتمرد في عرش
الهوامش
حجرٌ ثقيلٌ من أثقال
الزمان
لا أطيرُ مثل الحمامات
لأعتنق الريح
فليس لدي وقتٌ كافي
لأعود من العدم
لتباركني الآلهة براح
المكان
كل أحلامي هي وقفة
أمانٍ بذاكرة المقتول
من يرفعني غيماً من
وهب الموت
من يخبرُ أمي عن وفاة
ولدها الجريح
لكن
أي تاريخ للوفاة سأكتبه
على حجر القبر
و أنا أموت منذ ألف
سنة دون جنازة
فأنا قدر المنكسرين على
دروب اليائس
فإحملوني يا أيها العابرون
من ضجري
من تعبي
من شغبي
من انزلاق العمر بمتاهات
الغضب بلوعة الألم
أعطوني بعض الوقت
لأرتب بجدار الوجع
صرختي الأبدية
دونوا هذه القصيدة
معي
تمسكوا بالحرف جيداً
قبل أن تغفو حجراً
فإن قصيدتي مزلزلة
للكيان
لا تشبه قصائد الأخرين
على الإطلاق
تجرني ورائها لواحة
الذبح العسير
و تعصر بكلماتها وجعي
حتى الأخير
فإحفظوا أسمي بذاكرة
الأيام القاسية
و لا تجعلوا النسيان يسلبُ
مني صورة الوحي
فأنا كالغيم المسافر بآخر
المواسم
لا أحمل بحقائب سفري
إلا وجعَ الراحلين
تركتُ زمني لآخري الثاني
حينما
خاصمني و أرهقني في
البلاء
سأبكي دون أثر بذاك
الألم المرير
سأمضي بعيداً بوجعي
لأماكن تشرق بي
كي أنام بذكرى الأحزان
كقديسٍ
يبحث من بين الصلوات
عن نجاته
فخذ بيدي يا أيها الريح
إلى حيث ينتهي
المدى
حيث أتمكنُ من لملمتُ
ذاتي المكسور
خذني معك مثل التابوت
على ظهر الوقت
دون أن يمشي بموكب
الوداع أحدُ الأصنام
لا أريد ضجيج العابرين
هناك
برفقة المسيرة الأخير
خذني
لوحدي من ضجر
الواقعة
حررني من خللٍ في
التكوين بسوء
الولادة
من روحٍ في الألم
توهم
بالحنين و جال يهينُ
بتلك الذاكرة
خذني يا أيها الريح
بجسدي المتعب
لكنيسة المسيح العادل
لأطمئن
على راحتي الأبدية
هناك
لأبكي بها حتى يوم
القيامة
فربما يحملني الصليب
المقدس لدار
الملائكة
فأحيا في الماء بخجل
الآلهة
أريد أن أنجو من الفراغ
و أقترب من الحب
قليلاً
أريد أن أحضن قلب
الفراشة
و أتحضر لليلة واحدة
مشرفة قبل الوفاة
دعني يا أيها الريح
أرمم بجدار الليل كل
المآسي
لتهدء روح القمر و
تستكن
فمازال لدي بعض من
الوقت
لأكتب وصيتي الأخيرة
بدماء الأحلام
و أجرعت كل أنواع السقم
من كؤوس الخيبة
منذ ألف عامٍ و أنا
أقرأ لغة الأخرين
دون أن أفهم المعنى
في النهايات
كم خيبت ظن العدم
حينما تركت جرحي
يتيماً
يغفو في هلاك الندم
من أنا لأخيبَ ظن
العدم
درستُ من أبجدية الحياة
دون أن أحمل لونها
البعيد
و لم يحالفني الحظ
العاثر
بلقائها بطول السنين
كل الأيام هي مكيدة
الخذلان
كم أنا سيء الحظ في
ولادة الغسق
لا جديد في حياتي يشعرني
بالإنتماء لهذا الزمان
و المكان كلما حاولت الارتكاء
عليه ضاق علي أكثر
فكل الأشياء هي عابرة
بجرحي الكبير
مثلها
مثل فكرة جاءت لتخبرني
عن شيءٍ ما
فنسيت الطريق لذاتي
و تاهت قبل أن
تدركني
يا أيها البعيد البعيد
ماذا أخذتَ من هذا
الجسد
حتى يبكي القلب بنعشه
و يجهش بالغياب
المر
كأني عندما تغربتُ
عنه
أصبحتُ أشبهُ الحجارة
لا شيء يملكني لأعيش
كما الآخرين
فقدت السيطرة على قوافلَ
الأحزان
فأدخلني الحرف لعالم
الكلمات الحزينة
الكئيبة
فرحت أكتب القصيدة
الشاحبة
التي لم يسرق من ظلها
بعد
الشعراء المحبطين بخيبة
الوحي
أعيش متفرداً في النسيان
لوحدي أجسُ قيامتي
كالمرايا هي أيامي
فأنا عاثر الزمان و المكان
إيقونة الموتى
حجرٌ أسدُ طريق الخيال
وكلما
جئتُ أفتح نافذة حلمي
لأستريح
وجدت جنازة حلم آخر
يغلقُ بي
بطول هذا العمر كان
ينقصني فكرة
لأعبر بها كل الحكايات
الوجع و أنسى
لا أريد أكثرة من صداقة
الحروف
كيف سأعود من الموت
القديم
و قد إمتلئ هذا الجسد
وجعاً
و تلاشى الروح بهزيمته
على باب النسيان
فألف آلهة لن تحييني من
السقوط
و إني أمضيتُ كل السنين
بصور أمواتي
و نسيتُ عند جدار الذكريات
أن أحيا
فلا وداع يشرقني عند
الرحيل
و لم يعد للرغبة الملحة
أثرٌ بهذا العمر
فماتت القصيدة بين يدي
و هي تبكي
و أنا متُ كالحجر مضرجاً
بموت القصيدة
بسيرة الحرف ....... المعظم
ابن عفرين
مصطفى محمد كبار
حلب سوريا ....... ٢٠٢٣/١٢/١٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق