الأربعاء، 31 يناير 2024

🌹صديق احب ان اراه دائما ✍️محمد السعيد بصله

 #قصة قصيرة: بعنوان ( صديقٌ أُحِبُ أن أراه دائماً) بقلمى/ محمد السعيد بصله...


#لا أدري كلما قابلته بقدر الله أجدهُ شبحاً هائماً على وجهه شارداً في الشوارع لا يرفع أنظاره عن الأرض إلا قليلاً، وكأنه يُنقب فيها عن مستقبله، أو يطالع نجومه التي قد تهوى علي أديمها لتروي له أسرار حياته الغامضه التي أكثرها عواصف حزن وجراح، فهو يكاد يعيش علي هامش الحياه ولم ينل منها إلا أقل القليل، حتي أن الحياه منحته جسداً قصيراً ضئيلاً وناحلاً،ولم تمنحه إلا وسامة شعرٍ أسود غزير ينسدل علي جبهته، وتلفحهُ دائماً تيارات الهواء العابر فتلقي بخصلاته الثائرة علي حواجبه الغزيره الموسومة والمرسومة فتكاد تُخفى عينيه الضئيلتين الماكرتين...لا ينُم مظهره الخارجي عن شأن بعيد في معترك الحياه القاسي فردائه دائماً غير مُهندم، وفي الغالب لا يزيد عن قميص بكم طويل صيفاً وشتاءً وبنطلون واسع فضفاض تغرق فيه ولا تبدو تفاصيل جسده الضئيل،ويزيد علي ذلك الزى بلوفر فوق القميص إذا كان في زمهرير الشتاء، كان يحكي لي دائماً عن إضطهاد أخيه الأكبر والوحيد عندما كان يتولى الإنفاق عليه أيام الدراسة الجامعيه رغم أن أخيه هذا متزوج ويعول زوجه وأطفالاً وأب شيخ وأمٍ هرِمة، وكل هذة البطون البشرية يعولها وحده من حصيلة عائد وظيفته كموظف حكومي كادح إلي جانب عائد يومي بسيط من دكان بقالة صغير ولكنه نشط بالمبيعات في منطقه شعبية مكتظه بالفقراء.(علوان) هذا هو اسمه كنت أصغي دائماً الي تفاهاته المكرورة المملولة والتى حفظتُها عن ظهر قلب وذلك بدافع المحبه والعطف والشفقه عليه من أن لا يسمعهُ أحد، فقد كنت أنا غالباً صديقه الوحيد والمستمع الأوحد له. وذلك رغم تحذير بعض الأصدقاء لي وكيف أتحمل أقوال ذلك السخيف صاحب نفس الحكايات التافهه المكروره، فأجيبهم :ياجماعة ..غلبان ومُسالم ..لازم حد يسمع له وفي النهاية زميلنا، تخرجنا من الكلية ورسب هو وأعاد السنة ونجح في التي تليها، وشققنا نحن طريقنا ومشينا فى دروبنا كما أراد الله، ودارت بنا الأيام دورتها وجرت بنا السنوات سريعاً، وانشغلنا بحياتنا كلٌ منا في طريقه، واختفي هو تقريبا من صفحة حياتي ولكنني كنت أذهب إليه بين الفينة والأخرى أسأل عليه وأتقصى أخباره..فعرفتُ أن أبويه الهرِمين قد لقيا بارئهما. ثم شارك هو أخاه الأكبر في إدارة الدكان الصغير إلي جانب عمله كموظف في إدارة التموين الطبي، وقد أضربَ عن الزواج، وكلنا أو أغلبنا تزوج وأنجب وكبرت أطفالنا وصاروا شباباً وفتيات،وهو كما هو لم يتغير ولم يتزوج، ومات أخوه الوحيد وهو على مشارف سنى المعاش، وماتت أخته الوحيدة وكانت أرملة بعد أخوها بفترة ليست بالطويلة، فصار علوان وحيداً وهُدِم محل البقالة من قِبل إدارة الحى، وخرج للمعاش وعاش علي ريع معاشه الصغير الضئيل، وكان كلما قابلني صُدفة أو قدراً يسألني عن زملاء الدُفعة وعن الذي مات منهم ومن بقىَّ حياً يُرزق علي قيد الحياة، وكان يزيد ويُرغى ويزبد ونحن نتمشى ونقطع الوقت والشارع الطويل سيراً على الأقدام: هذا صنع وهذا لم يصنع وهذا تزوج وهذا مات وهذا صار غنى وهذا صار فقيراً مُعدم، وهو كما هو لم يتغير منذ نيفٍ وثلاثون عاماً ونفس الحديث ونفس الفعل ونفس رد الفعل، وكان كلما قابلني في الشارع فجأة كل فترة زمنية طالت أم قصرت، وكعادته دائماً يلازمني في طريقي يثرثر ويحكي حكاياته التي لا تنتهي إلا حين أن أُقرر أنا بعد أن يصيبنى الصداع متي تنتهي مقابلتنا؟ وقد ينسي هو طريقه وقد يؤجل مشواره إلي أن يودعني علي أمل لقاء قريب من لقاءاتنا التي ييسرها لنا القدر دائماً..وفي المرة الأخيرة التى لاقيته فيها كان في حالٍ أسوأ بكثير عن ذي قبل حتي أني لم أعرفه في بادئ الأمر . .ناديتُ عليه: (علوان...علوان).. فنظر ناحيتي وتأملني طويلاً ثم تركني ولم يرد أو يجيب وتركني حائراً لا أدري ماذا أصابه ؟ هل مرضٌ ألمَّ به ؟ أم ماذا دهاه فلم يعرفني فهُرِعتُ وراءه أدركه وأستفهم منه ماذا به؟ ولكنه إختفي بسرعة في زحام الشارع والبشر وضوضاء المكان، وكأنه فص ملح وذاب. وتركنى وفي قلبي غصة وإشفاق وحُزن علي حالته الأخيرة الراهنة وهل ياترى سأراهُ ثانيةً كما تعودنا؟...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

🌹أطلت كالهلال✍🏻 جاسم الطائي

 ( أطلّت كالهلال ) أطَلَّت كالهلالِ فكانَ عيدُ وقالت : هل أتى فصلٌ جديدُ بخيلٌ أنتَ والدنيا رُدودُ فما لي والهوى قدرٌ عنيدُ وما لي والمدادُ ...