غيبوبة
++++++
نسيَ النهايةَ في بدايةِ أمرِهِ
واستقبلَ الزمنَ الضئيلَ بوترِهِ
فأُطيحَ منه على اصطبارٍ نصفُهُ
وتعجَّلَ النصفُ الأخيرُ بإِثرِهِ
ماكان ينفعُهُ الرجوع وقد سَمَت
شيئاً فشيئاً في معارجِ فكرِهِ
كانت كمرآةٍ تُجيزُ له الرؤى
وعياً كما جازت سلافةُ خمرِه
ليفلسفَ الموجَ العتيَّ شواطئاً
ويفلسفُ المدَّ الشقيَّ بجزرِه
كانت صباحاتٌ وزهرةُ سوسنٍ
تنمو وتعرشُ في خرائبِ عمرِهِ
فأعارَهُ الحرمانُ لمحةَ عاشقٍ
ليغيبَ في الملكوتِ لحظةُ ذكرِهِ
ليغيب كي تلِدَ الظنونُ يقينَه
كي يستحلَّ الضوءُ ظُلمةَ أسرِهِ
كي يستبدَّ العشقُ في لَهَواتِهِ
عَلناً وترهبُهُ الصلاةُ بسرِّهِ
يُخفي ويُعلنُ ثم أيقن جازماً
في حلوهِ تمضي الحياةُ ومرّهِ
مُدَّت يدٌ واستنقذَتهُ حقيقةٌ
فأزاحَ تأنيبَ الضميرِ ببَرِّهِ
مَلئَت خُرافتُهُ مَداركَ عقلِهِ
فتح النوافذَ فاستراحَ بوزرِهِ
وجدَ السلامَ وقد أماطَ لثامَهُ
عن مهجةٍ حَرّى وشهقةِ شعرِهِ
كانت صباحاتٌ فأشرقَ حالماً
إذ خفَّ يرقصُ في غلالةِ صبرِهِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق