أ. د. لطفي منصور
مِنْ شِعْرِ أَبي نُواسٍ الرّائِعُ قَوْلُهُ يَتَغَزَّلُ في كَأْسِ الشَّرابِ: مِنَ الطَّويلِ
- شَجانِي وَأَبْلانِي تَذَكُّرُ مَنْ أَهْوَى
وَأَلْبَسَنِي ثَوْبًا مِنَ الضُّرِّ وَالْبَلْوَى
- يَدُلُّ عَلى ما في الضَّمِيرِ مِنَ الْفَتَى
تَقَلُّبُ عَيْنَيْهِ إلَى شَخْصِ مَنْ يَهُوّى
- وَما كُلُّ مَنْ يَهْوَى هَوًى هُوَ صادِقٌ
أَخُو الْحُبِّ نِضْوٌ لا يَمُوتُ وَلا يَحْيَا
(النِّضُوُ: الْهَزِيلُ الضَّعِيفُ فَهُوَ خيالٌ)
- خَطَبْنا إلَى الدِّهْقانِ بَعْضَ بَناتِهِ
فَزَوَّجَنا مِنْ هُنَّ فِي خِدْرِهِ الْكُبُرَى
(الدِّهْقان: فارِسيَّة الْخَمّارُ، بناتُهُ: أَنْواعُ الْخَمْرِ ، الخِدْرُ: بَيْتُ الشَّعْرِ)
- وَما زالَ يَغْلِي مَهْرَها وَيَزِيدُهُ
إلَى أَنْ بَلَغْنا مِنْهُ غايَتَهُ الْقُصْوَى
(اشْتَرَوْها بِأَغْلَى ثَمَنٍ لِأَنَّها صُنِعَتْ بِحَرارَةِ الشَّمْسِ)
- رَحِيقًا أَبوها الْماءُ وَالْكَرْمُ أُمُّها
وَحاضِنُها حَرُّ الْهَجِيرِ إذا يُحْمَى
- يَهودِيَّةُ الْأَنْسابِ مُسْلِمَةُ الْقُرَى
شَآمِيَّةُ الْمَغْدَى عِراقِيَّةُ الْمَنْشا
- مَجُوسِيَّةٌ قَدْ فارَقَتْ أَهْلَ دِينِها
لِبُغْضَتِها النّارَ الَّتِي عِنْدَهُمُ تُذْكَى
(تُذْكَى: تُشْعَلُ، إذا لامَسَتِ النّارُ عَصِيرَ الْعِنَبِ تَبْطُلُ خَمْرِيَّتَهُ)
- رَأَتْ عِنْدَنا ضَوْءَ السِّراجِ فَراعَها
فَما سَكَنَتْ حَتَّى أَمَرْنا بِهِ يُطْفَى
(هِيَ ضَوْءٌ لا حاجَةَ لَها بِنُورٍ آخَرَ)
- وَبِتْنا نَراها في النَّدامَى أَسِيرَةً
إذا انْدَفَعَتْ فيهِمِ فَصارُوا لَها أَسْرَى
( الْأَسيرَةُ لِأَنَّها مِلْكُهُمْ، لَها أَسْرَى أَيْ صَرَعَتْهُمْ)
- إذا أَصْبَحَتْ أَهْدَتْ إلَى الشَّمْسِ سَجْدَةً
وَتَسْجُدُ لِلْأُخْرَى حِينَ تَغْرُبُ لِلْمَمْسَى
(كانوا يَشْرَبُون صباحًا وَيُسَمَّى الصَّبُوحَ، وَيَشْرَبُونَ في الْمَساءِ وَيُسَمَّى الْغَبُوقَ)
- وَساقٍ غَرِيرِ الطَّرْفٍ وّالدَّلِّ فاتِنٍ
رَبِيبِ مُلُوكٍ كَانَ والِدُهُ كِسْرَى
- خُشَيْفٌ يُغَنِّينا عَلَى شُرْبِ كَأْسِهِ
فَتُذَكِّرُهُ كَأْسًا وَفي يَدِهِ أُخْرَى
(خُشَيف: تَصْغيرُ خَشْفٍ وَهُوَ الْغَزالُ الصَّغِيرُ)
- فَأَمْسَكَ في كَفِّهِ بِشِمالِهِ
وَأَوْمَى إلَى السّاقي لِيَسْقِيَ بِالْيُمْنَى
- فَشَبَّهْتُ كَأْسَيْهِ بِكَفَّيْهِ إذْ بَدا
- سِراجَيْنِ في مِحْرابِ قِسٍّ إذا صَلَّى
المصدر:
مختاراتُ ابنِ الطَّويل الدِّمَشْقِي
بِتَحْقيقِنا وَشرْحِنا وَضَبْطِنا، ص:
٣٩٦ - ٣٩٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق