هناك التقينا ..
إحترَقت من شدة أشعة الشمس ، ذَبلت ملامحُها الجميلة ..
تلك هي صورة شقيقي الشهيد ..
أثناء زيارتي الاخيرة إلى قبره ووقوفي امام مدفنه يحدثني عن كل آهاتنا وألآمنا وأوجاعنا كأنه لازال بيننا..
يا لها من ذاكرة لديه !! ..
يسألني عن كل شي يتفقد الجميع ، حتى أدقّ التفاصيل وهو في العالم الاخر ..
في جانبي الايمن سمعت أم لشهيد تطلب الماء لغسل قبر ولدها ، فقيرة معدمة ، توسلت لبائع الماء الموجود في ركن المقبرة أن يبيع لها بنصف الثمن كونها لا تملك المال الكافي لعودتها للديار ، رفض ذلك وهو لم يكلف نفسه غير ملء تلك الاوعية البلاستيكية من حنفية الماء التي يحتكرها له وحده ويجبر الجميع بأسترداد تلك الاوعية اليه ليملأها ويبيعها مجدداً !!
في بلدي الوحيد يُباع الماء غير الصالح للشرب عند قبور الشهداء ..
في الجهة المقابلة كان هناك شارع يسلكه الزائرون للمقبرة حيث يرقد أمواتهم كان الاجدر زراعة جانبيه بالياسمين إزدحم ببناء قبور جديدة من شدة طمع العاملين على دفن الاموات عشوايا يحول دون الوصول للقبور بسهولة بعد أن أجبروا الجميع المشي على الأقدام ولمسافات بعيدة مفتقدين دور الرقابة من البلدية المسؤولة عن ذلك النظام ..
كأن أخي الشهيد (رحمه الله) لا يشعر بالغربة في تلك المقبرة مبتسماً دائماً كعادته في صورته الموجودة حيث تصفحت ما يمكنني من صور القبور المجاورة الى قبره وجدتهم جميعاً خيرٌ منا جمالاً وسخاءا" وكرما عندئذ علمت سرّ ذهاب الشهداء الى ذلك الجانب بهذه السرعة .. إنّه عالم جميل يختلف عن عالمنا هذا ، وكأني بهم امسكوا بيد تلك السيدة واجلسوها عند قبر ولدها اهدئي يا أماه إننا لسنا عطاشى فقد سقانا آلله من حوض الكوثر لن نظمأ بعدها أبدا ..
بقلمي ستار الفرطوسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق