يَا قُدْسُ إِنَّا قَادِمُونْ
*****
اليَومَ أَتَرَجَّلْ، اليَومَ أُرَحَّلْ
دُونَ سَلاَمٍ أَوْ كَلاَمٍ أَو نَظْرَةِ وَدَاعْ
أَحْمِلُ بَعْضِي عَلَى بَعْضِي
مُتَّكِئًا عَلَى سُقُوطِي
تَتَقَاذَفُنِي الذِّكْرَيَاتُ إِلَى مَاضٍ تَبَخَّرْ
وَأَحْلَامُ طُفُولَةٍ، مَاتَتْ عِنْدَ بَوَّابَةِ مُخْبِرْ
وَوَطَنٍ بِكْرٍ ضَاعْ
أَضْحَى سِجْنًا تُطَوِّقُهُ المَجَازِرْ وَالعَسْكَرْ
يُوآفْ أَشْعَلَتْ آلْصِّرَاعْ
وَصَارَ دَمُنَا عِنْدَ شْتِيرْنْ وَإِرَقُونْ
يُشْبِعُ شُذُوذِهِمَا وَيُسْكِرْ
وَشَرَابًا لِدَايَانَ وَيَعْلُونَ وَشَارُونْ ...
بِمَذَاقِ عَصِيرِ "تَابُوزِينَا" وَسُكَّرْ
وَدِيرْ يَاسِينْ وَغَزّهْ لَا تَزَالُ تَحْتَضِرْ
تَبْكِي شُهَدَائَهَا، تُلَمْلِمُ أَشْلَائَهَا، سَمَاءَهَا تَدْمَعْ
وَأَرْضُنَا لَلصَّهَايِنَةِ، بَاتَتْ سَكَنٌ وَمَرْتَعْ
يَضِيقُ صَدْرِي بِتَلَاطُمِ الذِّكْرَيَاتِ
وَحَنِينٍ وَأَشْوَاقٍ وَأُمْنِيَاتٍ
وَوَطَنٍ عَرَبِيٍّ، صَارَ سِجْنُنَا الأَكْبَرْ
*****
اليَوْمَ أَتَرَجَّلْ، اليَوْمَ هَائِمْ
غَرِيبٌ فِي أُمّتِي، أَرْهَقَتْنِي المَوَانِئُ والمَعَابِرْ
الاسْتِعْلَامَاتُ وَالتَّخَابُرْ
نَكِرَةٌ، يُرَحِّلْنَنِي الحُكَّامُ العَرَبْ
مِنْ بلَادٍ إلى بِلَادْ
وَبِيَدِي مِفْتَاحَ سَكَنِي وَجوَازَ إِبْعَادْ
عَبَثًا أَبْحَثُ عَنِّي وَعَنْ نَسَبْ
عَنْ أَهْلِي وَالأَوْلَادِ وَالأَجْدَادْ
فِي ذَاكِرَةٍ مُثْقَلَةٍ بِالأَحْزَانِ وَالمَصَائِبْ
وَفِي جُرْحِي الغَائِرْ
مَذَابِحُ الدَّوَايْمَهْ وَاللِّدْ وَحَيْفَا
صَبْرَا وَشَاتِيلَا وَالأُخْرَيَاتْ
بَارَكَهَا العَجَمُ وَالأَتْرَابْ
فِي زَوَاجٍ عُرْفِيٍّ، رَقَصَ لَهُ كِلَابُنَا وَالبَهَائِمْ
زَفَّنَا بِلْفُورْ إِلَى رُوتْشِيلْدْ وَالسَّنْجَقُ نَائِمْ
قَدَّمَ حُكَّامُنَا دَمَنَا أَبْخَسَ شَرَابْ
وَصَنَعُوا مِنْ لَحْمِنَا أُكْلَاتًا وَوَلَائِمْ
أَهْرُبُ مِنِّي إِلَيَّ، تَعْتَصِرُنِي الخَيْبَاتْ
مِنْ كُلِّ حَاكِمٍ عَرَبِيٍّ مُطَبِّعٍ، خَائِنٌ وَظَالِمْ
مِنْ كُلِّ حَاكِمٍ عَرَبِيٍّ، فِي حَقِّنَا آثِمْ
وَمِنْ كُلِّ حَاكِمٍ عَرَبِيٍّ، عَنْ مُنَاصَرَتَنَا صَائِمْ
بِأْسَ حُكَّامَنَا، هُمْ سَبَبُ مَآسِينَا والنَّوَائِبْ
*****
اليَوْمَ أُرَحَّلْ، اليَوْمَ أُبْعَدْ
لَا وَطَنَ لِي بَعْدَ الوَطَنْ، غَيْرَ المَلَاجِئ وَالسُّجُونْ
وَمَجَازِرَ دَارَ السَّلَامِ تَتَلَبَّسُنِي، تَسْكُنُنِي
وَعَيْلَبُونَ وَالأَقْصَى وَاليَامُونْ
أَصْوَاتُ شُهَدَاءَ قَلْقِيليَة تَسْتَوْطِنُنِي، تَسْتَنْزِفُنِي
وَكَفِرْ قَاسِمْ والقِبْيَهْ وَكَفَارْ عَتِصْيُونْ
يَضِيقُ صَدْرِي بِعَرَبٍ بَاعُوا وَطَنِي
أَرْضَ الأَقْصَى وَمَسْرَى الرَّسُولْ
أَرْضَ التُّفَّاحِ وَاللَّوْزِ واللَّيْمُونْ
أَرْضَ التُّوتِ وَالقَوَارِصِ وَالزَّيْتُونْ ...
وَهَلَّلُوا وَهَتَفُوا لِلسَّلَامِ القَادِمِ وَالمُغَادِرْ
وَلِقُولْدْمَائِيرَ وَلِرَابِينَ وَشَمْعُونْ ...
تَبًّا لَكُم، تَبًّا لَكُمْ، خَيَّبْتُمْ أَمَلِي
تَنَازَلْتُمْ عَنْ فَلَسْطِينَ، وَرَفَعْتُمْ غُصْنَ زَيْتُونْ
اسْتَبَحْتُمْ دِمَاءَنَا، لَوَّثْتُمْ سَمَاءَنَا وَشَرَّدْتُمْ أَهْلِي
كَمَّمْتُمْ أَفْوَاهَنَا، أَطْبَقْتُمْ عَلَيْنَا ظَلَامَ السُّجُونْ
فَوَيْلٌ لَكُمْ مِنْ غَضَبِ القَهَّارِ الجَبَّارْ
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ جَاهٌ ولَا مَالٌ وَلَا بَنُونْ
*****
يَا قُدْسُ، إِنَّا قَادِمُونَ
زَادَنَا خَرَاطِيشَنَا وَالبُنْدُقِيَّهْ
وَجِيلٌ جَدِيدٌ مِنَ الثُّوَّارِ والأَحْرَارْ
نَعْشِقُ الْشَّهَادَة َوَالْعَمَّلِيَّاتَ الْفِدَائِيَّهْ
وَإِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، سَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينْ
وَأَحَلْنَا حَيَاتَهُمْ، جَحِيمًا بِضَرَبَاتِنَا الاسْتِشْهَادِيَّهْ
سَنُحَرِّرُكِ يَا قُدْسُ الأَقْدَاسِ وَهَذَا وَعْدُ الْمَتِينْ
فَأَنْتِ بَوْصَلَتُنَا وَأَهْدَافُنَا المَرْكَزِيَّهْ
والتَكُنْ حَرْبُ جِيلٍ بَعْدَ جِيلْ
وَلَوْ دَامَتْ قُرُونًا وَسِنِينْ
سَنَهْزِمُ عَدُوَّنَا فِي ثَانِي حَرْبٍ خَيْبَرِيَّهْ
فَلَا لِسَلَامِ الأَغْبِيَاءِ وَالْوُكَلاَءِ وَالْمُطَبِّعِينْ
وَلاَ لِشَجْبِ وَإِدَانَةِ حُكَّامُنَا الإِنْهِزَامِيَّينْ
وَلاَ مُسَاوَمَةٍ عَلَى الْحُقُوقِ التَّارِيخِيَّهْ
فَبِالسِّلَاحِ وَالدَّمِ، تُنْتَزَعُ الحُرِّيَّهْ
قَادِمُونَ يَا قُدْسُ، يَا أَقْصَى وَيَا جِنِينْ
وَسَنُحْيِي أَفْرَاحَنَا المِنْسِيَّهْ
سَنَرْفَعُ رَايَاتَ فَلَسْطِينْ
فَوْقَ مَآذِنِ الأَقْصَى وَكَنَائِسِ القُدْسِ الأَبِيَّهْ
وَسَنَزُفُّكِ إِلَى كُلِّ الأَحْرَارِ
عَرُوسًا طَاهِرَةً، حُرَّةً عَرَبِيَّهْ
شعر لصاحبه كيلاني بوستّة (الكرم في 08 جوان 2020)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق