تقديم.
المنشور، بالتأكيد، ثقيل على المستعجلين. لكنه سيثقل بالمتعة كاهل عشاق الأدب. ومحبي لغة الضاد. حدد موقعك، واتخذ القرار بكامل الحرية.
+++++++++
قصيدة للراحلة كزال ابراهيم خدر.
بستان العشق
شعر;كزال ابراهيم خدر
ترجمة"نسرين محمد غلام"
من حدائق عشقي
أُهديك ثلاث وردات
الأولى ليدك ، لترقص بها
و الثانية لشفتك ، لتغني بها
والثالثة لعينيك ، لتمسح بها دموعك
لكي تعرف أن بستاني
لا توجد فيه يد لسفك الدماء
ولا شفة لغضب (استياء )
ولا عين للبکاء ;
من دار القلب
بسلة من القبلات
أزور قلبك
حتى أزرع براعم آمالي
على أطراف الشعيرات الدموية لقلبك
ماذا أريد أنا أكثر من هذا
ماذا أُريد أكثر
من أن أجد تعريف لعشقك
أعرفك بكل كلام جميل
و كل لغات العشاق
وإله العشق أنت
وما بين رقصات ورود النرجس
وألحان تهمس شوقاً وإثارة
نُصبح فراشتين.
+++++++++++
قراءة وتماهي أ. علي اليدري.
في شعر الفقيدة كزال ابراهيم، لا تتوقف الإثارة. ويراود قارئها سؤال: ما السر في ان تواصل فينا الحضور بهذا الوقع؟
ربما لأن روحها الطاهرة تنادينا لنجدد عليها الرحمة؛ وقد سقيت من ذلك بفيض! أو ربما لأنها استلهمت جلال الرسالة الشعرية. وبلغتها لنا بما هو مفترض فيها من من قدسية، وصدق. هكذا نجدنا، بموازاة واجب الدعاء لها، نتمثل أنفسنا نتسلم منها مفاتيح الولوج الى عالم من الرفاه. مؤثث بسمو القيم. وآيات الجمال. فكيف لقارئها أن يجحد لها هذا الفضل!؟ كيف لا تنتزع منا جدارة التكريم!؟
قصيدتها " بستان العشق "، وترجمة نسرين محمد غلام، تؤجج في كياني كل هذه المشاعر. وتقتادني إلى تدوين تكريم الفقيدة، بهذه القراءة التي تلامس بعض أركان النور فيها. آملا ان يشاركني فيها أحبتي، وعشاق الشعر عموما.
أليس يغريكم، مثلي، هذا البستان المتميز. المؤثث بخصوبة الهوى!؟ تعالوا سويا، نأخذ مقاعدنا في رحابه. نتلمس خصوبته هندسة بديعة لمعمار القصيدة. وصورا بهية عبر رفوف عرضها. ولحنا رخيما، بإيقاع الأنات والآهات. وعيونا شاخصة ترسم بسناها درب العبور نحو الأفق الجميل. وتلتهم بفراستها البهاء المتدفق.
هكذا هو " بستان العشق " الذي تعده لنا الشاعرة كزال. ومن خصوبته، تقتطف لأجلنا ثلاثة هدايا. نستشعر، لا غرو، زهو استلامها.
العشق! هذا المفهوم الذي أسال كثيرا من الحبر تعريفا به كمفهوم. وحكيا مثيرا في روايات نذرت للخلود. وتشخيصا سينمائيا لسيناريوهات بذات الفحوى. أو على خشبات مسارح الدنيا في امتدادها أفقيا وعموديا. مع ذلك يظل فينا شاخصا سؤالا. يراودنا أبدا بشغف معرفة المزيد عنه.
وما عبثا نقارب مفهوم العشق. ولا هو بالأمر الهين. فكما هم أبطال ملاحمه. هم أبطال كذلك أولئك الذين وقفوا عنده تأملا ومقاربة. ولا عجب أن تقف في صفهم الشاعرة كزال. كما تؤكد ذلك من خلال مقاربته في هذه القصيدة.
بدربة فنية عالية. تزاوج بين البساطة والعمق. تقدمه لنا وصفة في هيئة حدائق. منها تقتطف ثلاث وردات، لتقدمها لنا هدية. وهو تعبير عابئ بالرمزية والدلالة. فالورد، في شرائع كل الدنيا، ومنذ الأزل، تتغذى العين برؤيته. والنفس باستنشاق عبقه. فتستمد من ذلك الذات انتعاشة رافهة. ألست عزيزي القارئ بها الشعور، وأنت شريك في سيناريو المشهد!؟ من منا لا يتوق أن يكون ذات كزال. او ذات من يستلم الورد.
وتشدنا من دلالة المشهد الهدية بقيمتها كعطاء تلقائي. لا يراهن إلا على على رضى المستقبل. وعسى من قارئ ينتبه الى أن الشاعرة، في احدى قصائدها، وثقت صدق العشق في التوازن بين الأخذ والعطاء. فيما تصوره هنا عطاء فحسب.
كم هو جميل إثارة هذه القضية. وبصددها، أود الاشارة الى ان الشاعرة لم تنسلخ قط عن كون العشق ثابت في معادلة الاخذ والعطاء. الا أنها، في هذه المشهدية، توثر العطاء أولا. وكانها ترينا دوما بشحنة عاشق. مستعدين للتدفق به على محيطنا. فتخصب فينا هذه القيمة الجليلة. وفي طي المعادلة، يوجد معنى خفي للأخذ. فالرهان الذي تتوق الشاعرة إليه، ويمثل رهاننا أيضا، ان نحظى من مستلم الورد بالرضى. إنه أرقى ما يمكننا اخذه من مستلم وردنا هدية.
وتواصل الشاعرة توثيق دربتها الفنية، بالخوض في تفصيل العشق. فهو ثلاث وردات. الأولى ليد عشيقها، كي يرقص بها. وما نرقص إلا من انتشاء. والثانية لشفته، حتى تظل بابتسامتها، لا يراودها استياء. والثالثة لعينيه، حتى لا تذرف دمعة حزن.
وتمعن غوصا في المعنى. وهي تبعث بهذه القيم النبيلة عبر هدية الوردات الثلاث. هي مقتطفة من بستانها المكتظ هكذا.
قد لا تستطيع اخفاء دهشتك، وأنت ترقبها. بيدها سلة معبأة بالقبل. وهي تسعى إلى زيارة قلب عشيقها. لتستنبت فيه براعم أملها. اي درجة أعلى من ان يتوهج القلب عشقا هكذا!؟ أي معنى للعشق ارقى من ان نقطفه شتلات من قلوبنا، ونستنبته في قلوب الآخرين. فتتمدد بساتين العشق في دنيانا!؟ يا لها من شاعرة عظيمة، تسخر ببراعة، أدواتها الفنية، لتحقننا بهذا المنسوب الرفيع من العشق. فنجدنا معها نستحيل فراشات. نضفي البهاء على رقعة امتدادنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق